مجموعة قصصية تضم أكثر من تسعين قصة أو أقصوصة بعضها قصير جدا، قد لا يتجاوز السطر الواحد، تومض بفكرتها ومشاهدها في مساءلة وجودية للحياة، التي تقبع خلف أحرفها القصيرة الموجزة المكتنزة بالمعاني العميقة والمحزنة في معظمها! ويبدو أن المؤلفة اختارت أن تصور لنا المشاهد في ومضات سريعة ولقطات بارعة، حيث يسكنك المشهد وتتأمله طويلا، تنوعت مواضيع هذه القصص، وإن كان معظمها يحاول أن يستعرض صورا من الحياة الاجتماعية التي قد يكون أبطالها أنا أو أنت، هو أو هي، أو أي شخص من أفراد هذا المجتمع الذي نعيش فيه، ونعايش قصصا مشابهة لما نقلته لنا «شيمة»، من هذا الواقع! عناوين النصوص كانت قصيرة ومعظمها يتكون من كلمة واحدة ربما لقصر النص، فأي عنوان يكون طوله قريبا من النص؟! العناوين كلمات موجزة عامة، تصف الحدث الأهم في النص: «ألم، أخرى، ترجل، سقوط، صراخ»، ومعظمها لم يكن لها وجود صريح وواضح في النص. «ربما غدا» كان العنوان المختلف نوعا ما والذي احتل عنوان المجموعة، وهو يحمل دلالة جميلة، سواء في كونه عنوان أحد النصوص، أو كونه العنوان الذي وقع عليه اختيارها ليكون عنوان المجموعة، وحقيقة أجده عنوانا موفقا، فربما غدا تنتهي هذه العذابات التي يعاني منها شخوص القصص الذين نسجوا هذه الومضات التي تفتح أعيننا على ما يجري حولنا من حكايات في المجتمع الكبير الذي جمعت «شيمة» العديد من أطيافه من مثقفين وجاهلين، طلبة وأساتذة، زوجات ومطلقات وعوانس وموظفات، والحبيبة التي تنتظر حبيبا لا يأتي.. هي حيوات مختلفة، وأحداث عديدة، يمكنك أن تقرأ حواراتها وخيالاتها وأحلامها ومشكلاتها في جلسة واحدة لا تتجاوز الساعة، ولكن لا يمكنك أن تسهم في حل إحدى مشكلاتها إلا بعمر كامل وتغيير كبير، قد يحدث وقد لا يحدث، وكذلك لم تفعل «شيمة»، حيث إن نصوصها ما هي إلا تصوير فقط لبعض المشاهد، دون محاولة لفهم السبب أو التحليل أو حتى محاولة الحل: «عِرق.. منعوها من الزواج به لأنه أسود البشرة! لم يغفر له بياض قلبه وعشقه لها.. تنظر إليهن وتتعجب من هذا السواد الذي يسكنهم وهم لا يشعرون! ». كما تطرقت «شيمة» إلى حدث سياسي مهم خلال فترة ما، وبذكائها الواضح في التقاطها لبعض المشاهد والاستفادة منها، جعلت النص يبدو عاما، بحيث يمكن إسقاطه على أزمنة مختلفة، ومع طيف واسع من الشخصيات، فمن لا يعرف هذا الحدث لن يضره أنه لا يعرفه، وسيجد القصة واضحة ومستساغة: «حذاء.. عندما قذف بحذائه، مطلقا انتفاضة الأقلام.. لم يكن يشعر بألم الحذاء المسكين، الذي كان يأبى أن يعانق جبينا أنتن منه!! ».