تظهر «هيلة القصير» كقائد حربي في تنظيم القاعدة، بالرغم من أن تزعمها هذا فيه تناقض كبير لما يروجونه عادة ضد خروج المرأة. الخطوة حذقة فهم يستغلون وجود المرأة بكل صورها في مجتمعها، ويدركون أنها الظل الذي يستطيعون السير فيه دون مضايقات. وبمجرد أن سمعت اسم «القصير» يتردد إعلاميا وقفت أمامي شاشة عريضة لفيلم مرعب بطلته مديرتنا الشرسة في المدرسة الابتدائية بإحدى حارات الرياض القديمة. سيدة نحيلة لا يمكن أن ترى حاجبيها إلا وهما متعاضدان ضد ملامحنا الصغيرة. كان صوتها جهورا، وكانت تزعق بنا صباحا وترعب عصافير قلوبنا «يا ويلكم من الله» و«بتدخلون النار» قبل أي تحذير تدلي به حتى لو كان أخذ «مساحة» من فصل «رابع أ» وتركها سهوا في فصل «خامس ب». كانت تقف لنا بالمرصاد قبل الانصراف، لتفتق «غطوة» كل صغيرة منا على رأسها وتلطمها على وجهها، أو تضربها على أصابع كفيها بعصا متوحشة والسبب أن «غطوتها» كانت لا تغطي منتصف بطنها! مع إقرار يلصق بقفا ذاكرتنا أننا سنشوى في النار ونقلب على جمرها. كبرنا وبينما نحن ننضج، نضجت معنا أفكار غليظة، شديدة، ومرهقة لبشريتنا، منا من تجاوزتها، ومنا من أصبحت «القصير» أو صنعت شيئا يشبهها. كنا ولا زلنا في مدارسنا نعيش التشدد المعلن، والمبطن، وكثيرا من التناقضات، فنرتدي عباءة للمدرسة، وعباءة للحياة الطبيعية، المعلمات وطالباتهن يتشاركن ذات الأرجوحة «مرة فوق ومرة على الكتف». تعلمنا الكثير عن النار، والعذاب، حتى كرهنا الحياة، ورغبنا بقتلها. اليوم تعيش قطط الإرهاب الوحشية على عتبات بيوتنا، فليتنا نبادر بغسيل درج سريع. غسيل لكل المفاهيم التي علقت بالمناهج، وبعقول الملقنين ولم تخرج منذ أعوام. غسيل يجعل أجواءنا التعليمية أكثر صحة، وأكثر حياة. غسيل يترك متسعا للحب وللياسمين أن ينبت بسلام في بيوتنا وعلى أرصفتنا،، فهل نفعل.. ؟!!