نشرت إحدى الصحف اليومية خبرا مفاده تقدم 50 محاميا سعوديا يتظلمون فيه إلى صاحب الفضيلة رئيس مجلس القضاء الأعلى بشأن التعسف والتجاوزات بحقهم من قبل القضاة، وعند قراءتي لهذا الخبر مرت بذاكرتي حادثتان عاصرتهما بنفسي وكنت شاهدا على أحداثهما، الأولى، أنه كان لنا زميل يعمل محققا في هيئة التحقيق والادعاء العام وكان يتعمد مضايقة المحامين وإخراجهم أثناء استجواب المتهمين وعدم تمكينهم من القيام بدورهم المنوط بهم، وبعد فترة قدم استقالته وانضم إلى الجهة الأخرى وأصبح محاميا وله مكتب ورأيته بعيني وهو ينتقد الأفعال التي يقوم بها المحققون ويفند ويبين عدم نظاميتها ويتذمر ويتضايق منها، ناسيا أنه يذوق من الكأس نفسه الذي سبق وأن أذاق منه غيره. والثانية، أن أحد أصحاب الفضيلة القضاة والذي كان مشهورا عنه طول فترات الانتظار أمام مكتبه وعدم رصده للجلسات وتأخره في الفصل في المعاملات ومضايقته للمحامين، أصبح الآن محاميا يكره الانتظار بالساعات أمام مكاتب القضاة ويحرص على رصد الجلسات ويطلب التأجيل لصالح موكله ويبذل كامل جهده في الدفاع عن موكليه بأي طريقة كانت. والحقيقة التي تبدو من هاتين القصتين أنه عندما تتبدل الأدوار تختلف المفاهيم والمعاني وهو الأمر الذي يجب ألا يحدث فالأصل أن القاضي والمحامي طرفا العدالة والعلاقة بينهما يجب أن تكون شراكة هدفها إحقاق العدالة وتحقيقها، فلا يجب أن تكون الخصومة بينهما ولا أن يحدد طرف للطرف الآخر كيف يعمل أو أن يدافع بل يجب أن يكون النظام هو الحكم بينهم، وثقة كل طرف في قدرته وعلمه وكفاءته تجعله يمكن الطرف الآخر من أداء واجبه دون أي مضايقات، فإذا لم يحدث ما سبق فيجب أن ننتظر اليوم الذي تتبدل فيه الأدوار لنرى الفرق في التعامل.