استخدم الإنسان منذ القدم أخشاب الأشجار على نطاق واسع في عمليات البناء، واستفاد منها أيضا في تصنيع بعض المنتجات المنزلية والمكتبية بمختلف أنواعها، وورق الكتابة والأقلام، وأصبح لها أيضا سوقا رائجا في مختلف أنحاء العالم. وفي خطوة جديدة يعتبرها الخبراء حلا جذريا لمواجهة ارتفاع أسعار مواد البناء، يعكف باحثون كنديون على استخدام أخشاب الأشجار في تصنيع الخلطات الاسمنتية، وذلك للاستفادة من الكميات الهائلة من جذوع الأشجار، والتي تتوافر سنوياً في كندا، بسبب مهاجمة بعض الآفات لأشجار صنوبر الغابات هناك. ويقول فريق البحث الذي جمع خبراء من جامعة "نورثيرن بريتيش كولومبيا" الكندية، إن خنفسة الصنوبر الجبلي، تهاجم أعدادا ًكبيرة من أشجار الصنوبر الموجودة في غابات كندا، حيث يؤدي ذلك إلى هلاك عدد كبير من الأشجار، وتراكم كميات هائلة من جذوعها. وأوضح الباحثون أنه لا يمكن استخدام المواد العضوية في تصنيع الخلطات الاسمنتية، حيث يحول ذلك دون تماسك الأخيرة، بسبب حدوث تنافر بينها وبين المواد العضوية، إلا أن بحوثاً أجروها في هذا الجانب، أظهرت أن مادة الأسمنت تلتصق وبشكل كبير، بالأخشاب المأخوذة من جذوع بعض أنواع أشجار الصنوبر، والتي ماتت جراء مهاجمة خنفسة الصنوبر الجبلي لها. ويقوم الباحثون حالياً بتحضير العديد من الخلطات الاسمنتية- الخشبية في المختبر، والتي تتفاوت نسبة المواد الخشبية فيها، بغرض التوصل إلى الخلطة المناسبة لاستخدامها في تصنيع بدائل عن القواطع الصناعية كالجبسيوم، التي تحل محل الجدران في المكاتب وبعض المنازل، ولكنها تتميز بجمال منظرها بسبب احتواءها على عنصر طبيعي هو الأخشاب. وبالرغم من صلابة الألواح المصنعة من تلك الخلطات الفريدة، التي تبدو مقاومة لنفاذ المياه إلى داخلها، إلا أنه يمكن تثبيت المسامير فيها دون الحاجة لثقبها بشكل مسبق، كما يمكن تقطيعها باستخدام أدوات النجارة. استخدامات عديدة وعن الاستخدامات المفيدة للأشجار، أعلنت بنجلاديش التي تقع باستمرار ضحية كوارث طبيعية، أنها ستزرع 100 مليون شجرة لإقامة حاجز طبيعي ضد الفيضانات والأعاصير. وأشار فخر الدين أحمد رئيس الوزراء الانتقالي الذي يحظى بدعم الجيش المشروع في دكا، إلى أن الأشجار ستكافح العواصف والأعاصير والفيضانات والجفاف بطريقة طبيعية، حيث دعا كل أبناء بنجلاديش إلى بناء جدار من الأشجار على الساحل ليصبح سوراً أمام الكوارث. وبسبب الاحتباس الحراري، فإن الكوارث الطبيعية اصبحت تتكرر بصورة أكبر في السنوات الأخيرة في بنجلاديش، حيث يعيش 40% من أصل 144 مليون نسمة دون مستوى الفقر، بحسب خبراء في شؤون البيئة. الأشجار تعالج الربو من جهة أخرى، أكدت دراسة حديثة أن زراعة المزيد من الأشجار في المناطق السكنية هي السبيل الوحيد لتقليل احتمالات الإصابة بأمراض التنفس والربو التي تطارد الأطفال على وجه الخصوص. وأوضح باحثون في كلية مايلمان للصحة العامة في جامعة كولومبيا أن نسبة الأطفال الذين يعانون من الربو أقل بكثير لدي الذين يسكنون في شوارع مليئة بالأشجار، لكن الدراسة لم تجزم ان للأشجار علاقة سببية بالربو علي المستوي الفردي. وحاول الباحثون الحصول علي بيانات متعلقة بمعدلات الإصابة بالربو لدي الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4 و5 سنوات بالإضافة إلي عدد الذين أدخلوا إلي المستشفيات بسبب الربو من الأطفال حتي عمر ال15 عاما، كما عمدوا إلي جمع بيانات أخري تتعلق بعدد الأشجار في كل منطقة في نيويورك إلي جانب مصادر التلوث والوضع الإثني والعرقي وكثافة السكان. وأظهرت الدراسة أن معدلات الإصابة بالربو في نيويورك انخفضت إلي الربع تقريباً في كل مكان تكثر فيه الأشجار، حتي بعد أخذ مصادر التلوث والكثافة السكانية وغيرها من العوامل بعين الاعتبار. وأشارت الدراسة إلى أن الأشجار قد تحارب الربو من خلال تشجيع الأطفال علي اللعب خارج منازلهم لوقت أطول أو من خلال تحسين نوعية الهواء. وفي نفس السياق، أعلنت السلطات البيئية في إريتريا أن غابة الأشجار الاستوائية التي زرعت حديثا في البلاد منحت أنواعا مختلفة من الأسماك مأوى مهما لتتغذي وتتكاثر في منطقة لم تكن سوى سطح طيني قاحل من قبل. ولم يعد ذلك المشروع البيئي بتلك القرية الواقعة في القرن الإفريقي بالفائدة على الحياة البحرية والصيادين فحسب، بل نال جوائز عالمية كنموذج لمكافحة الفقر وتوفير الغذاء للجوعى. الأشجار تكافح الفقر وغير المشروع -الذي يقوده العالم الأمريكي "جوردون ساتو" المهتم بالنواحي الإنسانية- طبيعة المنطقة التي كانت تفتقر لماء عذب كاف تحتاجه الزراعة التقليدية. ويوجد نحو مليون شجرة استوائية في منطقة تمتد لمسافة ستة كيلومترات من "هيرجيجو" وتستخدم أوراقها علفا للماشية ويعني ذلك ألا يضطر سكان القرية للسير للمرتفعات البعيدة لرعي أغنامهم. وكميزة أخرى للمشروع -الذي بدأ قبل عشرة أعوام وأطلق عليه "مانزانار"- تحصل الحيوانات على احتياجاتها من البروتين من الأسماك الصغيرة وحبوب الأشجار المجففة. ويقول إيمانويل يماني مدير المشروع من وزارة المصايد في إريتريا: "إنه حل للفقر والجوع لا يحتاج لتكنولوجيا متقدمة، في هذا الوقت الذي يشهد ارتفاعا في أسعار الغذاء وارتفاع درجة حرارة الأرض.. هذا مايحتاجه العالم". واختيرت "هيرجيجو" لأنها واحدة من أكثر المناطق فقرا، والذي تفاقم جراء هجومين من الجيش الإثيوبي، كما أن معظم العاملين فى المشروع وزراعة الأشجار وجمع أوراقها من النساء اللاتي يحصلن على أجر شهري 40 دولارا لأول مرة في حياتهم.