قال خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود لعدد من الأمراء والعلماء وكبار المسؤولين والمواطنين : إنه فرد منهم وإليهم يسره مايسرهم ويؤلمه مايؤلمهم، وعقب على حديث بعض المتحدثين عن إنجازاته منذ فترة توليه مقاليد البلاد بأن ذلك من رب العباد أن وفقه وأدى بعض ما يخطر على باله، مؤكدا، حفظه الله، أن الأيام المقبلة فيها الخير وفيها البركة، متمنيا لهم التوفيق و لكل الشعب السعودي الصحة والعافية والهناء . وكان المليك المفدى استقبل أمس في الديوان الملكي بقصر السلام أمس أصحاب السمو الملكي الأمراء وأصحاب المعالي الوزراء وكبار المسئولين في الديوان الملكي وديوان رئاسة مجلس الوزراء. كما استقبل أيده الله أصحاب الفضيلة العلماء وكبار المسئولين من مدنيين وعسكريين وجمعاً من المواطنين الذين قدموا للسلام عليه، رعاه الله، وتهنئته بمناسبة مرور أربع سنوات على توليه مقاليد الحكم. وفي بداية الاستقبال أنصت الجميع إلى تلاوة آيات من القرآن الكريم مع شرحها وتفسيرها.عقب ذلك تشرف الجميع بالسلام على خادم الحرمين الشريفين. ثم ألقى عبدالمقصود خوجة كلمة قال فيها :خادم الحرمين الشريفين .. بنهاية السنة الرابعة ، ومشارف السنة الخامسة من سنوات النور في ظل قيادتكم الحكيمة تأتي هذه الكلمات: إن كان شرف الحضور غاية أمامكم ، فان عبء الوقوف مسئولية. عودتمونا على كل شيء يناقش الوسطية في ربوع الوطن ، بتقاسيم الزمن الجديد ، لا بمعايير النظام العالمي الحديث ، فتعلمنا كيف نرى الواقع بعين الرضا ، وكيف نهزم اليأس بنصل العمل ، وكيف نرى الضوء والقوة موازنة بين الرحمة وروح المسئولية ، وكيف نرى الضعف بثوب الكبرياء. وقال خوجه : بساطتكم كشفت لنا عن ساق النظام الإسلامي القديم ، يوم تتلاشى الضغائن ، وتتساقط الصغائر ، ويصبح الهم الوطني هو الأكبر. معكم وقفنا على أعتاب مرحلة جديدة في علاقة ولي الأمر بالرعية ، لم تبدأ فقط يوم نفضتم الغبار عن عشة في شميسي الرياض ، أو يوم أبكتكم كلمات طفلة يتيمة أذلتها الإعاقة ، فحبستم الفقر بصندوق الإحسان وهزمتم الإعاقة بحملات الصحة والوعي ، وبنيتم صروحاً للعلم في صحراء غير ذي زرع ، فنبتت واحة ثول الجامعية ، وأرسيتم قاعدتها التعليمية يفد إليها طلاب العلم من الداخل والخارج. لكن العلاقة نبعت هناك في طفولة لم تعرف الوهن ، غرستم قوافي الأصالة ، وعروبة الانتماء ، وواقع التضحية ، فحددتم منهج العمل من خلال أجندة لا تعرف تمييزاً لفظياً أو روحياً أو لونياً ، لأن معاييركم واضحة ، ميزانها العدالة وأساسها الإيمان والمحبة الصادقة والإخلاص في القول والعمل. وأضاف: هكذا توجت كلماتكم لقاء الإخاء الإسلامي:” لا تتحقق الوحدة بالمتفجرات ولا أنهار الدماء كما يزعم المارقون والضالون “. ووأدتم هناك في الكويت التخاصم بشفافية المصالحة ، فعزلتم الضغينة في بحر الخلافات ، وردمتم هوة التجاذبات ، وأرسيتم بالمصافحة دعائم العفو عند المقدرة. وأدتم كل الخلاقات وكنتم أكبر من ذلك وإدراككم قيمة المكان وعظمة الزمان ، ففي شهر الله المحرم استحلفتم القادة بالله ثم باسم الشهداء والنساء وباسم الدم المسفوح ، أن ينأوا عن الخلافات ، وأن يرتفعوا عن الخصامات ، ويسموا على الذات ، لتتحقق مصالحة ورفعة بلا انتكاسات. وقال خوجه: علمتمونا أن السلام مبادرة لا ترهق الطاولة ، لكنها لا تتحمل التطويل ولا المساومة، وشرحتم لنا أن الطرح العربي أصيل ، لكنه خارطة طريق لا تحب المقامرة. هناك خاطبتم قلوباً عربية طالما تذكرت صهيل خيول الناصر صلاح الدين ، علمتمونا متى نطأطئ السلاح ، ومتى نرفع غصن الزيتون ، بلا جرح للكرامة ونزف للكبرياء.وأهديتمونا لغة لا تعرف الانكسار ، وسبقاً لا تحسبه المواصفات والعواصف من جنوب أو شمال ، فبقيت هاماتنا مرفوعة ، وأجسادنا في الأرض مزروعة ، لا تخشى يوم الكر ولا تعرف ساعة الفر. وأشار في كلمته إلى دور المرأة من تلك الانجازات فقال :سلحتم المرأة بالعلم والبحوث لمحاربة الجهل ، وأهديتموها ذخيرة العفة والكرامة ، حتى قهرت أصنام الخوف ، فشاهدها العالم في ثوب الطبيبة والعالمة والمهندسة والخبيرة ، وهاهي تنضم لكوكبة الذين بدأتم بهم عهداً للإصلاحات لمواكبة العالم الأول. ولم تعرفوا للتقنية بابا إلاّ طرقتموه ، وخاطبتموه ، حتى النانو لم تتناسوه ، فأسستم له منارة واستقدمتم له جدارة. وأكد قائلا: إن هدفكم في الحياة خدمة لا تقدم إلاّ بشرف العمل ، وشرف لا ترويه إلاّ خدمة الحرمين الشريفين ، وبين الشرف والعمل شيدتم بأيديكم ( فنارة ) إرشاد للتائهين في بحر لجي ، من استدل بها نجا ومن حاد عنها زاغ ، قلتم إنه ( لا سبيل لنجاة ونهضة للأمة الإسلامية إلاّ بطهر الروح والعقل من فساد الفكر المنادي للتكفير وسفك الدماء وتدمير المجتمعات). اليوم إن أفضنا قولاً فمن طلعتكم ، وإن تناسينا فضلاً فالعفو من شيمتكم، وإن كانت الدنيا ساعة فإن حق ولايتكم علينا السمع والطاعة ، فمن مات بلا عهد خاب وإن أدرك الضوء أصاب. وقال خوجه: اليوم يا خادم الحرمين الشريفين، التهنئة عفواً ليست لكم ، لنا، أدامكم الله وأبقى ولي عهدكم إن شاء الله عائداً لوطنه بسلامته ورعايته ، وعضدكما النائب الثاني .. يا طويل العمر قد استأمرتم علينا وخير ما استأمرتم علينا أميرنا أشاع بيننا أقوالكم الحكيمة التي نسجت من أصل الحكمة لا حاكم ولا محكوم ولا ظالم ولا مظلوم ولا حارم ولا محروم، الحمد لك والشكر من الحمد عشتم وطبتم طابت لكم الحياة.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..ثم ألقى شيخ شمل آل مشبب بالعلايا الشيخ عوض القرني كلمة عرج فيها على مآثر الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود رحمه الله، ومسيرة أبنائه الملوك البررة من بعده.وتطرق إلى ذكرى مرور أربع سنوات على تولي خادم الحرمين الشريفين مقاليد الحكم وما تحمله هذه الذكرى من سعادة لقلوب المواطنين كما كانت سعادتهم يوم بيعته حفظه الله. وأشار إلى زيارات خادم الحرمين الشريفين لجميع مناطق المملكة وما تحقق خلالها من منجزات تمثلت في المدن الصناعية والمشروعات العملاقة التي أنفق عليها مليارات الريالات وما تحققه هذه المشروعات من آلاف الوظائف في هذه المناطق. وأكد أن المواطنين الذين يباركون لخادم الحرمين الشريفين بهذه المناسبة يباركون لأنفسهم أيضاً ما تحقق من إنجازات كبيرة خلال هذه الفترة القصيرة. ثم ألقى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود الكلمة التالية :” بسم الله الرحمن الرحيم .. يا إخوان .. ما عندي لكم إلاّ الشكر ، وأتمنى لكم التوفيق ، وما أنا إلاّ فرد منكم وإليكم ، يسرني ما يسركم ويؤلمني ما يؤلمكم. هذا من الرب عز وجل أن وفقني وأديت بعض ما يخطر على بالي ، وإن شاء الله الأيام المقبلة فيها الخير وفيها البركة. أتمنى لكم التوفيق وأتمنى لكل الشعب السعودي الصحة والعافية والهناء وشكراً لكم وإلى اللقاء إن شاء الله في أيام مقبلة”. حضر الاستقبال صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وصاحب السمو الأمير فيصل بن تركي بن عبدالعزيز آل سعود وصاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن خالد بن عبدالعزيز وصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز أمير منطقة مكةالمكرمة.