شبرقة - بَدَل الزهراني صدر -بفضل الله تعالى- كتاب الرَّحلة الضَّمديّة في ظلال متنزهي : القُمري , والخَيْمَة عن دار الدكتور عبدالله أبوداهش للبحث العلمي والنشر ، تحقيق وقراءة الأستاذ الدكتور عبدالله بن محمد أبو داهش أستاذ ورئيس قسم اللغة العربية وأدابها بجامعة الملك خالد بأبها (سابقاً). ولعل ما يمكن الوقوف عنده في هذا المقام : واقع الأدب في تهامة , ومدى أثر المتنزهات الريفية في نهضته ونشاطه . وذلك في غضون الربع الثالث من القرن الثالث عشر الهجري , حين تهيأت لهذا الأدب أسباب سياسية , وأخرى اجتماعية ساعدت على إيجاد يقظة أدبية جادة , فلقد عرفت بلدان تهامة في هذه الفترة : المواطن الفكرية , والأسر العلمية , إلى جانب اليقظة الملموسة في ميدان : التعليم , والرحلة في سبيل العلم , بالإضافة إلى ما شهدته تهامة عندئذ من حياة : سياسية مستقرة وما ناله الأدباء في ظلالها من الرعاية والاهتمام, وبخاصة المعنوية منها والمادية, ولعل ولاية الشريف الحسين بن علي بن حيدر (1254 – 1264ه) تعد عندئذ من أسباب انتعاش الأدب ويقظته , فمن الحق أن هذا الأمير يعد من أبرز أمراء تهامة تشجيهاً للأدب وفنونه , حيث حظي مواطنوه الأدباء برعاية وتشجيعه , إذ نشأ في رحاب إمارته شيء من أدب : الرحلات , والمتنزهات الريفية , وأحس الأدباء في أنفسهم الرغبة بالتنزه والخروج إلى الريف من أجل الترويح عن النفس , ودفع الملل, وكان هذا الحال يدعو إلى عقد : المناظرات , والمحاورات الشعرية , وإنشاء المقامات , حيث وُجدَ الدافع النفسي عند أولئك الأدباء والرغبة الأكيدة في المتنزه , والخروج إلى المواطن الريفية المعهودة , مثل : ما صنع من قبل القاضي الأديب الحسن بن علي البهكلي (1099 – 1155ه) حين ألف المقامة الضَّمدية المشهورة عندما خرج في نزهته الريفية الشعرية مع بعض أصحابة خارج مدينة ضمد. بل إن ذلك التوجه دعت فيما بعد بعض أدباء تهامة إلى الاستقرار خارج مدنهم , واختطاط المنازل في أحضان الريف , ومتنزهاته , مثلما فعل – على سبيل المثال- القاضي إسماعيل بن أحمد بن عبدالله الضَّمدي (1222-1299ه) عندما فضل النزوح من بلدته ضمد إلى متنزه القمري سنة (1253ه), واختط منزله من بعد في متنزه الخيمة شمالي تلك البلدة عام (1260ه) , وكان هذا الواقع السياسي والاجتماعي بعامة يدعو الأدباء إلى الخروج نحو المواطن الريفية من أجل الإٍسهام بنشاطهم الأدبي في هذا الميدان, وهذا ما انطوى عليه هذا الأثر المخطوط الذي يعده بعض المؤرخين مفقوداً غير موجود في زماننا , ومن أولئك : المؤرخ محمد بن أحمد العقيلي (1336-1423ه) -رحمة الله تعالى- الذي قال في كتابه : (التاريخ الأدبي لمنطقة جازان) : ((مع الأسف الشديد أننا بحثنا عن هذا المجلد فلم نجد له أثراً ...)) , ولعل نشره الآن يضفي فائدة مرجوة لتاريخ الأدب في جزيرة العرب , وحيث سبق نشر طرف من هذا المجموعة في : مجلة الدارة ع4,س15 (1410ه) , وفي حوليات سوق حباشة ع1 ,س1 (1416ه/1995م) فإني رأيت نشره مرة أخرى في رسالة مستقلة , لعل الباحثين وطلاب العلم يفيدون منها في صورتها الأخيرة هذا بعد معاودة النظر فيها وخدمتها , وقراءتها مره أخرى , والله من وراء القصد , وهو السميع العليم .