عاد المعروض النقدي السنوي السعودي للمرة الأولى في ثلاثة أشهر إلى النمو مسجلا 21.8 في المائة في آب ( أغسطس) من 20.8 في المائة في تموز (يوليو) الماضي، بعد أن كان قد سجل مستويات من التذبذب في الأشهر الستة الأولى من عام 2008 نتيجة للعديد من الإجراءات التي اتخذت لمعالجة التضخم عبر سحب السيولة. وقالت مؤسسة النقد العربي السعودي أمس الأحد في نشرتها الإحصائية الشهرية، إن المعروض النقدي (ن3) وهو أوسع مقياس للأموال الدائرة في الاقتصاد السعودي ارتفع إلى 885.77 مليار ريال في نهاية أغسطس مقارنة ب 727.15 مليار ريال قبل عام. كما تراجع النقد المتداول خارج المصارف وفق بيانات " ساما" نحو 2.1 في المائة من 78.5 مليار ريال في تموز (يوليو) 2008 إلى 76.8 مليار ريال في آب (أغسطس) الماضي، فيما سجلت الإيداعات تحت الطلب أكبر عنصر في المؤشر ن3 انخفاضا شهريا بنسبة 1.95 في المائة في آب (أغسطس) وهو أكبر انخفاض لها في عام على الأقل وثاني انخفاض شهري على التوالي إلى 342.31 مليار ريال وهو ادنى مستوى لها منذ نيسان (أبريل) هذا العام. وذكر التقرير أن إجمالي الأصول الأجنبية الصافية لدى البنك المركزي بلغ 1.65 تريليون ريال في نهاية آب (أغسطس) مقارنة ب 930.7 مليار ريال قبل عام. وتأتي تلك البيانات بعد أن تراجع التضخم السنوي من أعلى قمة سجلها خلال 30 عاما على الأقل إلى 10.9 في المائة في آب (أغسطس) مقارنة ب 11.1 في المائة في تموز (يوليو) الماضي، وبعد أن أظهرت بيانات مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات في وزارة الاقتصاد والتخطيط أن مؤشر تكلفة المعيشة في المملكة بلغ 117.9 نقطة يوم 31 آب (أغسطس) الماضي. ويأتي ذلك في مقابل 106.3 نقطة قبل عام. كما تبرز تلك البيانات بعد أن كان حمد السياري محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي، قد استدل بنمو المعروض النقدي في مؤتمر عقد أواخر الشهر الماضي، واستعرض من خلاله التقرير السنوي لمؤسسة النقد العربي السعودي عن عام 2007، استدل بنمو المعروض النقدي للرد على ما يشاع عن نقص في مستوى السيولة لدى المصارف المحلية. وفي سؤال حينها حول ما إذا كانت البنوك الملحية تعاني نقصا في حجم السيولة أكد السياري أن البنوك السعودية لا تعاني شحا في السيولة، والمؤشرات المؤيدة لذلك كثيرة، منها النمو الكبير في الإقراض ومستوى عرض النقود. ووفق اقتصاديين, قد تتراجع البيانات الجديدة بالمخاوف المتعلقة بنقص في مستوى السيولة بين البنوك السعودية عززته أخيرا الأزمة التي عصفت بأسواق المالية الأمريكية والعالمية والتي عطلت كثيرا من عمليات التبادل الائتماني والإقراضي بين بنوك العالم، كما أنها قفزت بأسعار فائدة الإقراض بين البنوك السعودية الأسبوع الماضي إلى 4.05 في المائة من مستوى 3.4 مع مطلع تموز ( يوليو) 2008. وهنا قال الدكتور عبد العزيز الغدير، متخصص في الشؤون الاقتصادية، إن البيانات الصادرة عن مؤسسة النقد جيدة ولكنها غير كافية، لأن المشكلة ليست في حجم السيولة لدى المصارف بل هي أزمة ثقة بفعل تنامي المخاطر، من مستوى السيولة في المستقبل القريب. وأضاف" بالتأكيد هناك أزمة سيولة في المنطقة رغم التطمينات الرسمية، وسوف تنتقل إلى السوق السعودية لاحقا، وعلينا أن ننتظر ونرى". وقال الغدير إن سياسة مؤسسة النقد للتخفيف من السيولة كانت واضحة في الفترة الماضية، مشيرا إلى أنها لم تعد تتسق والأحداث الجارية على مستوى العالم اليوم، رغم أنها ساعدت على وقف نمو التضخم، إلا أنها قد تضر لاحقا بأداء القطاع المصرفي.