لا أحداث شغلت وتشغل المشاهد العربي -في الأيام التي فاتت- أكثر من النار التي تشتعل وتنطفئ في مصر ، بين ساعة وأخرى. قنوات الجزيرة والعربية ، بوصفهما أهم قناتين إخباريتين عربيتين ، تغطيان أحداث مصر ، لكن ليس لحظة بلحظة ، رغم أن الأحداث لا تهدأ في ميدان التحرير ، وما حول قصر الاتحادية. القنوات المصرية ، هي تتابع لحظة بلحظة ما يحدث في مصر ، سواء ، القنوات الحكومية ، أو فضائيات القطاع الخاص ، غير أن من يتتبع خط التغطية الإعلامية المصرية -لما يحدث في مصر- يلاحظ بوضوح أن كل القنوات الفضائية المصرية غير الحكومية ، أخذت طابع التحريض ، وتعبئة الرأي العام ، ضد كل قرارات حكومة مرسي ، وتشعر بشكل كبير ، أن هذه القنوات ، تحرض مصر ضد مصر ، بل تشعر في أحايين كثيرة ، إنها قنوات لا تهمها مصر في شيء. الاستثناء الواحد والوحيد ، لهذه القاعدة ، هو ماتقدمه قناة (صدى البلد) ، من مجهود جبار ، وتغطيات لا تهدأ ليل نهار. والأجمل والأكثر إبهاجا ، ليس في التغطية المهنية لحظة بلحظة ، لقناة صدى البلد فقط ، وإنما المبهج ، هو في خطها الوطني الحقيقي الجميل ، تجاه المأزق السياسي والحياتي في مصر ، وعدم إثارتها للفتنة أو الطائفية ، أو القيام بالدور التحريضي الذي تقوم به قنوات غيرها ، بل كانت وما زالت ، تقدم يوميا ، تغطيتها اللحظية المتميزة ، بالكثير من المصداقية الخبرية ، والهدوء ، والترويّ ، والحياديّة الواعية ، واحتواء كل الآراء ، مهما كانت انتماءاتها الحزبية أو حتى الدينية. الذي يتابع قناة صدى البلد ، يعرف محدودية قدراتها المالية ، وبساطتها ، من حيث الديكورات ، وعدد المذيعين ، لكنه يُكبر فيها خطها الوطني الذي يفصح عن حب مصر ، وعن وطنية قناة محترمة ، عينيها الاثنتين ، على مصر ، وشعب مصر ، ومستقبل مصر. إن أهم ميزة لا بد أن تحضر في أي قناة ، في وقت الأزمات بالذات ، هي ميزة الطرح الوطني الحقيقي ؛ لأن المسألة هنا ، لا تتعلق بتوجهات القناة نفسها ، وإنما بتوجهات أمّة ، ومصير بلد. أقول لكل قنوات مصر الخاصة : تابعوا (صدى البلد) ، فهي البلد.