«السعودة» هدف استراتيجي لبلادنا، تشغيل الشباب السعودي من الجنسين مصلحة وطنية عليا يجب عدم التنازل عنها، أو المساومة عليها مطلقاً، فأي تراخٍ في هذا الشأن فيه ضرر بالغ سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. ولا أظن عاقلاً يختلف مع هذا الأمر، أو يعترض عليه. ومع أنني أكره «لكن» ولا أريد أن أكون من جماعتها، ولكنها تفرض نفسها فوراً كلما نطقنا كلمة «السعودة»، وكلما صدر قرار يدعم هذه السعودة، ويهدف إلى دفعها قدماً؛ لأن جهات التوظيف في القطاع الخاص كلها تقول سمعاً وطاعة، لكن هات «المؤهلين» لوظائفنا و«أبشروا»، هات السعوديين والسعوديات الذين يقبلون العمل الذي نؤديه و«أبشروا»، وإذا لم نستجب فضعوا أضعاف الرسوم والعقوبات علينا، أمّا حكاية «وظّف سعودياً أو سعودية كيفما اتفق وإلا عاقبناك»، فلا عدل فيها، ولن تحقق هدفاً. لا أريد أن أعيد هنا ما ناقشه بعمق الدكتور عبدالعزيز الدخيل في مقالين نشرتهما «الشرق» يوم الإثنين الماضي والذي قبله، عن ضرورة وضع خطة استراتيجية عاجلة للتأهيل حتى لا تبقى المشكلة تراوح مكانها مثلما هي من عشرات السنين، إذ إن العيب في التعليم الضعيف والتأهيل المتدني، وليس في عدم رغبة القطاع الخاص في التوظيف، مع ضرورة محاصرة عدم الرغبة هذه متى وأينما وجدت. أقول لا أريد أن أعيد، ولكن من الضروري الإلحاح على موضوع التأهيل، ومن الضروري أيضاً النظر إلى تلك الوظائف التي يستحيل -حتى الآن- أن يعمل فيها سعوديون وسعوديات، مثل «عمال النظافة» الذين استثنتهم وزارة العمل -مشكورة- من قرار الرسوم، ولعل الوزارة وهي تراجع وتتراجع أن تتأمل في أعمال أخرى لا يُقبل عليها السعوديون أو لا يقبلونها أو لا يصلحون لها، إمّا لضعف تأهيلهم لها، أو لتدني مستواها اجتماعياً. «الوزارة» الآن، وبفضل «حافز» لديها معرفة بعدد ومستوى العاطلين والعاطلات، ولن يعترض عليها أحد بأن تفرض توظيف هؤلاء، وتعاقب من لا يقبل بهم، شريطة أن يكونوا مؤهلين للوظائف التي تفرضهم الوزارة فيها، وأن يقبلوا العمل فيها، أمّا مجرد الفرض والرسوم والعقاب على علاتها، فالضرر أكبر من النفع على المدى الطويل، ومنذ القدم ونحن نردد «إذا أردت أن تطاع فامر بما يستطاع»، وما يستطاع هو المنطلق والأساس القوي للتطبيق الناجح؛ حيث إن «فاقد الشيء لا يعطيه».