على مدى سنوات طويلة مرت على الرياضة السعودية كثير من الأحداث المحزنة التي أتعبت قلوبنا وأرهقت دموعنا ، إلا أننا كنا مع كل صدمة حزن نجد هاجسا وطنيا يضيء أمامنا شمعة أمل نتفاعل معها بإحساس صادق يمسح من ذاكرتنا آلام تلك اللحظات المحبطة ، وفرحة تلامس ضوء فجر جديد فننهض من تلك الكبوات وكل من حولنا يشاركنا صرخة طفل يستقبل الحياة مباركاً سلامة أم كادت أن تموت وهي تنتظر بشغف شديد أملها القادم. - مفارقة غريبة وعجيبة حدثت في اليوم الأخير من عامنا الهجري المنصرم الذي ودعناه بعد (مغرب) يوم الأربعاء الماضي بكل ما فيه من ألوان قاتمة كئيبة ، ففي الوقت الذي كنا على مدار أيامه وشهوره نخاطب اليأس والإحباط بلغة قريبة جداً من (الغزل) وكأنه بات جزءاً من قناعات جمهور وإعلام رياضي يستمتع بنثرها ونشرها ولا يكتفي بذلك فحسب إنما في حالات كثيرة تراه (شامتاً) دون أي ذرة (حياة) مبتسماً متفاخرا بجرأة طرح يرفع من خلاله راية النصر فإذا بمنتخبنا الشاب الذي واجه في أول ليلة من ليالي عامنا الهجري الجديد المنتخب الأرجنتيني المصنف في المركز الخامس عالمياً يعكس كل التوقعات ويقلب الطاولة رأساً على عقب في صفعة موجعة موجهة لأولئك (المتشائمين) المحبطين. - سمعت صدى تأثير تلك الصفعة المؤلمة عبر أستوديو تحليلي بالقناة الرياضية السعودية وكم هائل من المشاهدين كانوا بعد نهاية المباراة مثلما ضربوا تحية سلام لنجوم الأخضر الشاب على المستوى الرائع الذي قدموه (صفقوا) بحرارة للزميل المتألق (عادل الزهراني) وهو يركل بأسئلته المؤلمة (في الصميم) أبواق الظلام مسجلا حضورا ملفتاً من خلال إحرازه مجموعة أهداف (قاتلة) أخرست الألسن وهزت بصوته و(ثقة) يحاكي جيله من الشباب (شباك) تحولت إلى خيوط بالية فاترة و(الخيبة) تصافح في ذلك المساء الجميل شامة وجنة خدين تغطت بحمرة الخجل .. وأي خجل يفيد. - في مشهد آخر وفي قناة أخرى لها علاقة بأفلام (أكشنها والأجر على الله) مذيع في شخصية إعلامي (مخضرم) كانت ملامحه بمجرد ظهوره في الدقيقة الأولى من البرنامج شعر المشاهد وكأنه استفاق من نومه بدش (بارد) يفرك في عينيه لعله يصحو من غفوته لأنه غير (مصدق) نهاية سعيدة (خربت) عليه عناوين مثيرة أبرزها (الأخضر في غرفة الإنعاش والمجرم الواد ميسي) نظرت إليه وهو يحاول الخروج من (مأزق) الموقف ولملمة جروح كيف بمقدوره معالجتها فما كان منه إلا استرجاع ماض قريب يداعبه بحروف نطقت بما لم يأتِ به الأوائل (شكرًا نواف ، شكرًا المسحل ، شكرًا ريكارد ، شكرًا يا شباب) فضحكت آنذاك على (هزيمة) أعلن عنها ذلك المذيع بنفسه وبلسانه وإرادته وعلى طريقة (بيدي لا بيد عمر). - لن أضيف أكثر تقديرا لعام جديد يدعو إلى الفرح والتفاؤل والتهنئة مكتفياً باعترافات (شامت) من الدرجة الأولى شعر بسعادة غامرة في ليلة هزم شباب منتخبنا أبواق الظلام ممن كانوا ينتظرون لحظة (الشماتة) فماتوا إعلامياً بالضربة القاضية.