تحظى المملكة العربية السعودية بمكانة كبيرة لدى قلوب المسلمين في شتى بقاع الأرض وذلك لكونها الدولة التي تحتضن داخل أراضيها المشاعر المقدسة والتي يتوافد عليها الملايين من المسلمين على مدار العام من أجل أداء مناسك الحج والعمرة وقد يكون ذلك هو السبب الرئيسي في اتجاه الانظار باستمرار إلى المملكة باعتبارها وطنا لجميع المسلمين في العالم , والنجاح الباهر الذي صاحب موسم الحج المنصرم كان إحدى العلامات البارزة التي تم تسجيلها في سجل المملكة المشرف فيما يتعلق بخدمة المشاعر المقدسة , فقد شهد موسم الحج الأخير الكثير من التنظيم وتذليل العقبات والتي جعلت شد الرحال إلى المشاعر المقدسة أمرا أكثر يسرا وسهولة مما كان عليه في السابق , وربما تكون حادثة تعطل قطار المشاعر هي الأمر السلبي الوحيد الذي صاحب موسم الحج لهذا العام فرغم ما تكبدته الدولة من أموال في سبيل إنشاء قطار المشاعر إلا أننا فوجئنا بارتباك وغير تنظيم في وسط موسم الحج وهو الأمر الذي تسبب في شل حركة انتقال بعض الحجاج مابين المشاعر , وقد أظهر هذا الحادث العرضي مدى حاجة المجتمع لدينا لنشر ثقافة إدارة الأزمات والكوارث والتي ستساعد بعض المسؤولين على حسن التصرف في المواقف أو الحوادث الطارئة والتي تحتاج إلى اتخاذ القرار السليم في أضيق نطاق زمني , وثقافة إدارة الأزمات والكوارث ليست مرتبطة فقط بموسم الحج والعمرة بل بكل موقف أو حادث فجائي يحتاج إلى سرعة اتخاذ القرارات , ولعل المأساة التي حصلت في الرياض الأسبوع الماضي والمآسي التي عانتها جدة على مدار السنوات الماضية جراء السيول تبين مدى الحاجة لنشر ثقافة إدارة الأزمات والكوارث في مجتمعنا. ولكن من المفترض أن تقوم جميع الدوائر الحكومية بنشر هذه الثقافة بين موظفيها وتدريبهم عليها وذلك من خلال عمل جهاز لإدارة الأزمات والكوارث وعمل ندوات بصفة دورية لموظفي الدولة لتعريفهم بمعنى إدارة الكوارث والأزمات وذلك لكي يكونوا على استعداد ومعرفة بكيفية إدارة المواقف عند حدوث أي عارض فجائي أو كارثة غير متوقعة , أتمنى من حكومتنا الرشيدة أن تضع هذا الأمر نصب أعينها فتهيئة الموظفين للتصرف في المواقف الطارئة والأزمات ستساهم بشكل كبير في تخفيض نسبة الخسائر التي قد تتسبب بها تلك الحوادث الفجائية. والله من وراء القصد