في هذه الأيام العظيمة ، يستشعر المسلمون قاطبة من شتى أنحاء المعمورة فرحة عيد الأضحى المبارك ، هذه الشعيرة الدينية المقدسة التي نحيي من خلالها مناسبة (نحر أضحية العيد) ويفترض أن نحيي من خلالها أيضا تلك الفرحة العفوية الجميلة التي تنبعث من حنايا القلوب النقية لتستقر على الشفاه البهية فتتجلى معها السعادة الحقيقية على ملامح الوجوه الرضية. في هذا اليوم العظيم ، بمقدور كل منا أن يصفي النية ، وأن ينظر إلى كافة الأمور بتفاؤل وإيجابية ، وأن يتعلم من جديد كيف يحب ، وكيف يهتم بمن أخذته مشاغل الدنيا بعيدا عن مشاعرهم ، بعيدا عن آمالهم وأحلامهم التي غمرتها عواصف رماله الخانقة!؟. في هذا اليوم العظيم ، بمقدور كل إمام مسجد أن يثبت لعموم المصلين وبالأحاديث الشريفة الصحيحة (أنها أيام عيد) و (أن في ديننا فسحة) بعيدا عن الخطب المستهلكة التي طالما وأدت الفرحة في داخلنا وهي تذكرنا مع بداية إشراقة أيام أعيادنا بظهور الأعور الدجال وعذاب القبر وأهوال يوم القيامة. في هذا اليوم العظيم ، بمقدور تجار المواشي أن يعيدوا النظر في أسعارهم وأن يخففوا كثيرا من وطأة أطماعهم رحمة بإخوانهم المسلمين المعسرين الذين قد يعز على البعض منهم قوت يومهم. في هذا اليوم العظيم ، بمقدور الأمانات والغرف التجارية بمختلف المدن والمحافظات أن تنظم المهرجانات الشعبية والحفلات الفنية -غير الهابطة- وأن تزين السماء بأضواء الألعاب النارية لترسم الابتسامة على محيانا ونشعر بالفرح من جديد بعد أن فقدناه مواسم عديدة حتى ظننا بأنه ليس بمقدور كل منا (أن يعمل لغده كأنه يعيش أبدا)!؟. في هذا اليوم العظيم ، بمقدور كل منا أن يعيد التواصل مع كافة أصدقائه وأحبابه (ولو برسالة جوال قصيرة) ليخبرهم بأنهم وإن غابوا عن العين منذ زمن إلا أن مكانتهم الرفيعة بالقلب تظل كما هي لا يعكرها خصام ولا تمحوها قطيعة. في مثل هذا اليوم العظيم ، بمقدور كل منا أن يجنب خلافاته العميقة مع الآخرين جانبا وأن يتحلى بالسماحة وطيب الخاطر ، وأن يتذكر طوال ساعات يومه هذا بأن للحياة وجها مشرقا يمكنه متى فتحنا له نوافذنا مكارمنا أن تسطع مع الأشعة الدافئة بداخلنا. في مثل هذا اليوم العظيم ، ليس بمقدوري إلا أن أزف أسمى آيات التهاني والتبريكات بهذا العيد المبارك لأهلي وأحبتي ولجميع القراء كما أهنئ وأخص بالذكر من يختلفون معي بالآراء ، متمنيا منهم أن يدعونا ولو قليلا (نعيش الفرحة).