إن الدعاء عبادة تعني الافتقار إلى الله ، والتبرُّؤ من الحول والقوّة ، إلا من الله , وهو سمةُ العبودية ، واستشعارُ الذلَّة البشريَّة لله تعالى , و هو من أفضل العبادات ، لأنه يدل على التواضع لله ، والرغبة فيما عنده ، والخوف منه تعالى ، والاعتراف بالعجز والحاجة إلى الله ، قال جل جلاله : (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي و ليؤمنوا بي لعلهم يرشدون) البقرة ، آية 186 , و قال صلى الله عليه وسلم : (ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم ، إلاَّ أعطاه الله بها إحدى ثلاث : إمَّا أن يُعجِّل له دعوته ، وإمَّا أن يدَّخرها له في الآخرة ، وإمَّا أن يصرف عنه من السوء مثلها) رواه والبخاري ، وقد أثنى الله سبحانه على أنبيائه , فهو صفة المرسلين , والدعاء كله خير , وله شروط منها : الإخلاص لله في الدعاء , و هو أساس العبادات , و عدم الاستعجال و الدعاء بالخير له وللمسلمين , ولا يدعو بإثم أو قطيعة رحم , و حضور القلب , لأنك تناجي رب العالمين , وإطابة المأكل , فالله طيب لا يقبل إلا طيبا ، والتوبةُ إلى الله والإِقبال على اللّه تعالى ، والافتقار إلى عفوه ومقدرته , ورد المظالم , و يحرص على الأوقات للدعاء كالدعاء في جوف الليل , قال صلى الله عليه وسلم : (ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول : من يدعوني فاستجيب له , ومن يسألني فأعطيه , ومن يستغفرني فاغفر له) متفق عليه , وفي السجود , قال صلى الله عليه وسلم : (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء) رواه مسلم , والدعاء يوم الجمعة , قال صلى الله عليه وسلم : (في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله خيرا إلا أعطاه إياه وقال بيده قلنا يقللها يزهدها) رواه البخاري . والدعاء مفتاح أبواب الرحمة ، وسبب لرفع البلاء قبل نزوله . فالمسلم المخلص هو الذي يعرف الله في الرخاء , و يلتجئ إليه في الشدة , و يؤمن بالقضاء و القدر.