بينما كنت أترقب عبر وسائل الإعلام المختلفة ، كل ما هو جديد حول تبعات الفيلم المسيء (براءة المسلمين) الذي أجج المشاعر وأعمى البصائر ودفع الملايين إلى الاحتجاج والتظاهر ، حتى أدانته كافة الدول الأجنبية وتبرأ منه جميع الممثلين المشاركين وهم يتهمون مخرج العمل (رد السجون : سام باسيل) بتغيير الأحداث والحوارات من خلال إعادة مونتاج الفيلم ، في هذه اللحظة لفتت انتباهي إحدى رسائل (الواتس آب) الواردة لجوالي تتلخص في أنه : نفذ حكم الجلد في امرأة (سعودية) والسبب أنها تعمل معلمة لغة إنجليزية في إحدى المدارس الخاصة بالجاليات الأجنبية حيث قامت طالبة بالتطاول عليها مما دفعها إلى ضربها بالحذاء (أكرمكم الله) وبتقدم والد الطالبة بشكوى تم الحكم على المعلمة بالجلد مائة جلدة وتم تنفيذه بفناء المدرسة وسط نظرات الشماتة من الطالبة ووالدها!!. ومع أن الصورة المرفقة مع خبر المعلمة تنقلك إلى قلب الحدث وتحكي لك أدق التفاصيل للأحداث التي قرأتها (بما لا يدع للشك مجالا) ، إلا أنني بعد منتجة الفيلم المسيء ومحاولة تزييف الحقائق (حتى على سيد الخلق أجمعين) لم أعد أثق بأي خبر مثير ، لهذا ثارت بداخلي ملاحظات تهتف بالتساؤلات التالية : كيف يكون للمعلمة السعودية أن تدرس اللغة الأصلية للطالبة الأجنبية؟! ، في دعاوى الحق الخاص غالبا ما تؤيد المحاكم الجزئية المعلم لتأديبه الطالب متى بدر منه ما يستلزم ذلك!؟ ، حتى وإن صحت الواقعة وفقدت المعلمة أعصابها وبالغت في أداة التأديب فإنه يظل الحكم بمائة جلدة مبالغا فيه ولن يكون هناك فارق بين عقوبتها وحد الزنا (وهو ما يخالف العقل والمنطق)!!. وللوصول إلى الإجابة الشافية والمقنعة لكل هذه الأسئلة الثائرة ، قررت الاستعانة بأرشيفي وبمحرك البحث (قوقل) حتى تأكدت بأن قصة جلد المعلمة (هي الأخرى مزيفة) وأن القصد منها النيل من المعلمين أو تشويه سمعة القضاة وإلا فإن الخبر الصحيح يقول : شهدت مدرسة أجنبية في مدينة الخبر جلد عاملة آسيوية عشر جلدات إثر اعتدائها على إحدى الطالبات بقذفها بحذاء في وجهها ، وقد حاول والد الطالبة أن ينهي الموقف باعتذار من المعتدية ولكنها رفضت بقوة ، فلجأ إلى المحكمة التي حكمت بعد 11 شهرا بتعزير المرأة المعتدية وتنفيذ الحكم في المكان نفسه الذي وقعت فيه الحادثة ، وجاءت حيثيات الحكم المنطقية : أن رفع الحذاء في الوجه إهانة والضرب به جناية وعند التنفيذ تم إلباس العباءة للمحكوم عليها كستر وحشمة لها (فظهرت وكأنها سعودية)!!. في زمننا الراهن : ترى كم هو عدد الصور التي زيفها المغرضون من أجل تحقيق مقاصدهم وشرعنة جرائمهم؟! ، ترى كم من حقيقة غيبت ، وكم من روح أزهقت؟! .. في زمننا الراهن : أصبح من السهل إيصال الأفكار المضللة للناس وإقناعهم بها ، فكل المطلوب : إرسال رسالة قصيرة تحمل (رابطا إلكترونيا) يوصل المتلقي إلى مشهد مفبرك كتب عليه عبارة مؤثرة مثل (هل وصلنا إلى هذه الدرجة) ، أو (هكذا يقتل الأبرياء) ، أو (راحوا الطيبين) .. فهل سنتعلم نحن المسلمين من (الفيلم المسيء) بأن نتحرى مصداقية الأخبار والصور التي تصلنا عبر الأجهزة المحمولة في ظل غياب التشريعات والقوانين الصارمة عنها!!.