•• هذا الصيف .. استقبلناه بفحيح شمسه .. مشاعرنا مع قدومه مختلفة ومتنوّعة .. الصيف هو الصيف .. ضاع بسببه لبن العرب .. سوء التصرّف .. جعلت العرب تتخذه مثلًا .. لكنهم لا يتعظون كعادتهم .. أزاح الصيف الستار عن أجساد العرب .. ارتفعت أثمان أسرّة النّوم .. ساد الرعي على جلود الأجساد العربية .. وتزيد في الصيف سمرة العرب .. في صيفهم يتحوّل ليلهم نهارًا .. ينامون النّهار .. يسرحون طوال الليل .. كل يغنّي على ليلاه .. حياة الصيف تجمعهم .. الصيف بساط متنوّع الأحمال .. يحمل رموز الهموم والسعادة .. التساؤلات والآمال .. التطلعات والحيرة .. بساط العرب مثل نفسيّاتهم .. يحمل مؤشرات مزاجهم .. خاصة عندما يردّدون : عندي شعور. •• يلتقون في تقاطعات .. بأركان وزوايا .. تحمل وميضًا ومجالًا مغناطيسيًا .. الزوايا تحمل معلومات الشيء ونقيضه .. الصيف كما عرفناه عبر التاريخ العربي .. يحمل تيّارات إيجابية وأخرى سلبية .. يتم عجنها في حبكة نسيج .. نتاجها مسرحية لها أبطال وجمهور .. هم العرب .. أبطال كل شيء وجمهور كل شيء .. تنعم العرب بصيفها مهما يكن. •• لا يبالي العرب بحرقة شمس صيفهم .. يلتقون تحت أشعتها .. يعطون لحياتهم نشوة .. يسرحون في ربوع حدائق المشاعر .. تتولّد في رؤوسهم المضروبة .. بفعل أشعة شمس الصيف المرئية وغير المرئية .. مشاعرهم متضاربه .. فعلهم متناقض .. كأهدافهم المتناقضة ومصالحهم المتضاربة .. تصبح مشاعر العرب في الصيف كقطيع غنم ضال .. تسرح وتمرح .. وفقًا لهوى الشعور والمشاعر .. وملكوت الفهم والإدراك.. هكذا الصيف عند العرب .. مسرحية كبيرة .. يعيشونها من مياه المحيط العالمي إلى مياه الخليج العربي .. المعايش لصيفنا. •• سنتحدث عن الصيف الذي نملك .. وأيضًا الصيف الذي لا نملك .. مشاهد الصيف كثيرة .. تحيط بنا دوائرها .. نبدأ الحديث بدائرة الصيف ذات البعد العالمي .. العرب يعيشون العالمية منذ فجر تاريخ (امرؤ القيس) .. يقعون في اتجاه مهب الهبوب العالمية .. لنا موقع يتوسط الدنيا .. ولنا أفعال تُشرّق عبرها وتُغرّب .. كل شيء عند العرب شرق أو غرب .. هذا ما جعلهم في موقع (الفزعة) .. كل فريق عالمي يقول : (هات إيدك) .. (مد إيدك) .. يسعون لإنقاذ العرب من حفرة سوء صيفهم .. يحفرونها ويقعون فيها .. كل ذلك بسبب زيادة أحمالهم من العقد .. ومن طعم (عصائر) مرارة الدنيا .. لا يتوقف تدفقها. •• في هذا الصيف .. يلتقي العرب على بساط الاقتصاد العالمي الحُر .. يمتد تأثيره على جيوب العرب الظاهرة والمخفية .. مصائب قادمة من أوروبا العجوز .. ومن أمريكا المراهقة .. الأخيرة مثقلة بالديون .. هي الدولة الوحيدة في العالم التي تنعم بالديون .. هي الدولة الوحيدة عالميًا .. لا تحمل همّ الدّين وأوجاعه .. العالم يحمل همّ ديونها وأوجاعها .. تملك بعظمتها طرقًا مختلفة للتعبير عن مشاعرها الصيفية .. تتفاعل مع صيفها الساخن بالطائرات العسكرية وحاملاتها .. تخترق الصيف العربي بدون طيار. •• يضربون أجساد الناس في المنطقة العربية .. وتضرب في أي بقعة عبر هذا العالم .. كنتيجة جعلوا العالم ساخنًا صيفًا وشتاءً .. أصبح العرب يدفعون ثمن التمدّد الساخن والانكماش الساخن أيضًا .. كلّها حروب في الشتاء والصيف .. عبرنا مرحلة نتائج الحروب الباردة والحروب الساخنة .. والآن ننتظر نتائج مرحلة الحروب الصّامتة .. قد تأتي خلال هذا الصيف أو الذي يليه .. عندي شعور. •• للصيف أيضًا أبعاد لدول إسلامية .. والتأثير قادم .. مثل تأثير الشمس على مجريات الكرة الأرضية .. يحيط بالعرب دول إسلامية .. بصيف متباين الملامح.. تحدّنا مياه المحيط الغامض غربًا .. وإيران صاحبة شعار (الشيطان الأكبر) شرقًا .. وجنوبًا السودان الجنوبي الجديد .. ثم مالي وتشاد والنيجر .. وتركيا والبحار الأخرى شمالًا .. هناك الدائرة الثانية .. تمتد من باكستان وجبالها وسهولها .. مع أفغانستان قاهرة الغزاة .. وتجد بصمات العرب في هذا العالم الإسلامي واضحة .. وتجدهم مطاردين .. في كل البقاع .. ليس لأنهم يحملون رسائل غير مفهومة .. ولكن لأنهم لا يفهمون أنفسهم .. تأثروا بفعل حرارة صيف التاريخ العربي المستمر حتى اليوم .. يعطي ويأخذ .. ولكن ماذا يعطي وماذا يأخذ؟! .. هل عندكم جواب؟! •• حتى الدائرة الأبعد حول العرب .. إندونيسيا .. البلد الإسلامي الكبير .. استطاع إجبار العرب على إدمان العمالة المنزلية الأندونيسية .. في هذا الصيف يكتوي العرب .. وكاتبكم أحدهم بنار غيابها .. تعوّدت البيوت العربية على استضافتها .. للقيام بكل شيء داخل الخيمة العربية .. بهم ومعهم اخترعنا لغة جديدة للتخاطب .. بدلًا من اللغة العربية .. وأيضًا اخترعنا صنوف الكسل .. والعمى والتعامي .. بفضل قدرتهم على فهمنا .. وفهم احتياجاتنا .. هل يُخصص العرب جزءًا من مشاهد مسرحية هذا الصيف .. لصنوف الدعاء والتضرع إلى الله .. بعودة هذه العمالة؟! .. عندي شعور .. ويستمر الصيف بمشهد آخر.