هذا الأسبوع من عمري كان حظه الدول الإسكندنافية ، وهي من أجمل بلاد الدنيا ، وأكثرها وداعةً ، وأحبّها إليَّ (السويد) .. نزلتُ ابتداءً إلى فنلندا ، وأخذتُ أستلهم من جمالها ونظامها ما دعاني للوقوف عند هذه العبر. 1- فنلندا بلدة صغيرة ، لا تتجاوز مساحتها (338.145كم2) ، وعدد سكانها قرابة 5 ملايين نسمة ، ومع ذلك فإن صادراتها السنوية فاقت (400 مليار) دولار! 2- لا يوجد في فنلندا أي موارد ، أو معادن تدر دخلاً كبيرًا كالنفط ، والغاز ، بل كل ما فيها الخشب ، والمطاط ، ومع ذلك فصادراتها من أعلى صادرات العالم مقارنة بحجمها وعدد سكانها. 3- الوقت في فنلندا هو أغلى ما يملكون ، والصناعة التي بها يتميّزون ، والمورد الحقيقي الذي عليه يعتمدون ، والنظام والانضباط هو رأسمال الإنسان في فنلندا ، فكلّما كنت منضبطًا في سيرك وحركتك ، وعملك وأدائك للحقوق ، تيسرت أمورك ، مهما كانت جنسيتك وديانتك. 4- لا غرابة بعد ذلك أن تكون فنلندا من الدول الخمس على مستوى العالم في (الشفافية والرفاهية) .. كما أن نسبة الأمّية هناك (صفر في المئة)! فالشعب كله متعلم ، والنظام يُخضع الجميع للتعليم المتطور صغارًا وكبارًا ، لأنهم يؤمنون أن التعليم هو السبيل الوحيد لتطور بلادهم ، ورفاهيتها. 5- زرت شركة (نوكيا) الأم ، وذُهلت بالجهد الهائل المبذول من العاملين فيها ، والذين بلغ عددهم (55000) موظف ، وأن أرباحها السنوية بلغت (550 مليار) دولار ، متفوقة على صادرات الدولة كلها! 6- تجولت في عدة أماكن عبر التاكسي ، والذي يعمل بجهاز الأجرة وجوبًا ، مع كاميرا وسط السيارة وجوبًا كذلك ، فحماية الراكب واجب الدولة .. الحياة منسابة جدًّا ، فالقطارات تخترق الشوارع الكبرى والصغرى بسهولة ، وبلا ضجيج ، ولا نسبة حوادث تُذكر ، فالكل يعيش النظام ، ويتنفس النظام ، ويستلذ بأثر النظام. 7- قابلتُ في رحلة الذهاب لفنلندا رجلاً مصريَّ الأصل ، فنلنديَّ الجنسية ، من أكبر موردي الخشب في العالم ، جاء لفنلندا وعمره (17 سنة) ، وعمل في مهنة الخشب (صبيًّا) ، وصار اليوم من أكبر تجار البلد. 8- أمّا عند مغادرتي فنلندا للنرويج كان معي في الرحلة شابٌّ صغيرٌ في الطائرة ، لم أعرفه ، نزلنا سويًّا عند صالة الاستقبال ، فأهلّت عليَّ مئة معجبة نرويجية بصوت عالٍ بين فرحٍ وبكاءٍ وصراخٍ ، قلتُ في نفسي وقلبي ينبض : ما الأمر؟! .. تنحيتُ قليلاً ، فاجتمع المئات على الشاب الذي بجواري ، سألت عنه فقالوا : جاستن بييبر ، بلعتُ ريقي ، وحمدتُ الله على العافية!!