في جنازة عسكرية مهيبة شيع الفلسطينيون رفاة 91 شهيداً سلمتهم اسرائيل للسلطات الفلسطينية الخميس الماضي ، كان من بينهم شهداء (عملية فندق سافوي) 1975 ، وهي من العمليات الشهيرة في تاريخ المقاومة الفلسطينية. جاءت هذه العملية الفدائية ردا على اغتيال اسرائيل لقادة فلسطينيين في (عملية الفردان) في بيروت عام 1973 ، والتي كانت عملية اسرائيلية انتقامية بعد تصفية المقاومة الفلسطينية ل11 رياضياً اسرائيلياً في ميونخ عام 1972 وذلك بعد أربعة أشهر من تفجير الموساد لسيارة غسان كنفاني واستشهاده في بيروت! بدأت عملية سافوي بنقل سفينة مصرية لثمانية فدائيين فلسطينيين وزورقين مطاطيين من السواحل اللبنانية إلى سواحل تل أبيب ، سيطر بعدها الفدائيون على فندق سافوي القريب من مبنى رئاسة الأركان الإسرائيلية ، وانتهى الأمر بتفجير الفندق ومقتل أكثر من 50 عسكرياً إسرائيلياً من بينهم العقيد عوزي يئيري قائد عملية الفردان في بيروت! ظل رفات شهداء سافوي 36 عاماً في مقابر إسرائيلية سرية تسمى (مقابر الأرقام) يتم دفن شهداء النضال والمقاومة فيها ويوضع على كل قبر شاهد برقم ملفه لدى السلطات الإسرائيلية! حتى توهم اسرائيل نفسها بأن هؤلاء المناضلين ليسوا سوى أرقام مضت في تاريخ كيانها ، في حين أن كل واحد منهم تمكن من هز هذا الكيان المحتل ووازن ولو لفترة بين آلة القمع الاسرائيلية والضعف العربي الفلسطيني ، وحقق أحد أهم بنود الميثاق الوطني الفلسطيني وهو حق الكفاح المسلح. ستظل المقاومة الفلسطينية حقا مشروعا .. فبينما يعيش مليونا فلسطيني اعتقالًا جماعيا في قطاع غزة نتيجة للحصار ، ويتعرض أهلها لنيران الجنود الإسرائيليين من على مسافة تتجاوز الألف متر أحيانا داخل الشريط العازل بين القطاع وإسرائيل لمجرد محاولتهم حصاد محاصيلهم الزراعية من أراضيهم القريبة للشريط، لا يزال يستشهد الفدائيون من شبابها أثناء محاولتهم اختراق هذا الحاجز المهين على أراضيهم ومقاومة الاحتلال. وقد تجاوز عددهم من بعد نهاية (عملية الرصاص المصبوب) على غزة في 2009م 36 شهيداً ، كان آخرهم أحمد أبو النصر (21 عاماً) الذي قتل على يد القوات الإسرائيلية فجر الجمعة الماضي ، بعد أن تمكن من قتل جندي اسرائيلي محتل على الشريط الحدودي قبل استشهاده ، وزادت به مقابر الأرقام عدداً واحداً كانت تخشاه اسرائيل كثيراً.