لا أظن أن الكثيرين قد سمعوا بهذا الباص ؛ فهو لا يقوم بإيصال الطالبات ، أو نقل المعلمات ، وليس له علاقة من قريب أو بعيد بنقل الركاب من مكان إلى آخر!!.. إنه الوحيد من نوعه في الشرق الأوسط!! كما أن مهمته تختلف عن بقية الحافلات التي تزاحمنا في الطرقات صباحاً ومساء. ولكي لا أطيل عليكم فإن هذا الباص قد تميز عن غيره بأنه يحمل على ظهره عيادة متكاملة لمكافحة التدخين!! بالأمس القريب غادر الباص اليتيم منطقة الباحة تاركاً وراءه أكثر من سبعين مدخِّناً ، وقد أقلعوا جميعهم عن هذه العادة السيئة!!.. المشرف عليه ذكر أن الذين تركوا التدخين بعد دخولهم هذه العيادة المتنقلة تجاوزوا ستة آلاف!! كما أشار إلى أن الأمير الراحل صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز -رحمه الله رحمة واسعة- تبرع بمبلغ لتجهيز باص آخر ، وهو الآن في طور التشكيل ، وسيرى النور قريباً ؛ ليكون بجانب أخيه الذي اعتاد التنقل بين مناطق السعودية مشاركاً في المخيمات الدعوية والملتقيات الصيفية وزائراً الجامعات والكليات والمدارس!! قد يستهين البعض بالدور الذي تقدمه عيادات مكافحة التدخين ؛ كون بعض المدخنين قد ينتكس بعد خروجه من هذه العيادات ، متناسياً أن الآلاف ودَّعوا السجائر ، وطلَّقوها طلاقاً بائناً بعد دخولهم بعض هذه المقار المباركة!! ترك الدخان ليس بالأمر الصعب ، وأكبر دليل على هذا إعلان الجمهورية التركية -وهي الدولة التي يوجد بها أكبر نسبة من المدخنين على مستوى العالم- إقلاع أكثر من مليوني مدخن عن التدخين خلال العامين الماضيين فقط!! أضرار التدخين تكلِّف بلادنا سنوياً أكثر من خمسة مليارات ريال!! ومثل هذا الباص يُسهم بشكل كبير في انقشاع سحابة الدخان التي أصبحت تظلل على كثير من بقاع مملكتنا الغالية ، وإذا كان درهم الوقاية خيراً من قنطار العلاج فإننا نتمنى من وزارة الصحة أن تستنسخ هذا الباص المبارك ، وأن تضاعف مساهمتها قانونياً وتوعوياً وعلاجياً في محاربة التدخين!!