جمعيات خيرية تنتشر على تراب وطننا الطاهر مؤسسات مجتمع مدني تقدم خدماتها لفئات معينة مكلومة تعيش الكفاف , مواردها تتغذى عن طريق تبرعات الخيرين والزكوات ودعم الدولة لكن واقعها يقول أنها جمعيات فئوية بمعنى أن جل ما يأتي إليها من تبرعات نقدية وعينية يذهب إلى جيوب القائمين عليها الذين يحبون أن يتسموا ويتلقبوا بلقب المحتسبين والقليل يذهب لقلة محتاجة لا تكاد تكفيها تلك العطايا. وليس هم المحتسبين وحدهم فكلنا يحتسب لكن على طريقته وها أنا ذا احتسب , فعلى سبيل المثال يبلغ احتياطي إحدى الجمعيات الخيرية بمدينتي أربعون مليون ريال هذا غير المصروفات , ويبلغ متوسط راتب الموظف بالجمعية (غير المحتسب) ألف وثلاثمائة ريال فقط , ونشاطها لا يتجاوز توزيع أكياس الأرز والسكر فقط ويا ليت ذلك بل أن عملية التوزيع لابد أن تمر على المسؤول الكبير حتى يوافق على الصرف فقرار الإعانة والخير صار بيد شخص واحد وعلى حسب التوصية ورنة الهاتف وبالتالي تحول من إعانة إلى إهانه. من يشاهد حال بعض الأسر المحرومة من ابسط مقومات الحياة ومن يسمع ويشاهد الأرصدة المالية المحجوبة عن العين يتبادر إلى ذهنه سؤال أين تلك الأموال عن الإغاثة والمساعدة , أين المشاريع التطويرية والتحديث فتوزيع الأكياس لم يعد كافياً لمواجهة تزايد أعداد الفقراء والمحتاجين , أين الخلل وماهو الحل. الخلل الذي تعاني منه جمعيات البر خلل لا بد أن يتم إصلاحه فتلك الجهات بمأمن عن عين الرقابة فهي محصنة ومحاطة بسور كسور الصين العظيم فلا تستطيع أي جهة رقابية اختراقها ففي السابق كانت معقل غسيل فكري وتجنيد أتباع واما الان ا صبحت كذلك وزيادة فهي معقل من معاقل الثراء السريع , فكيف يتم اختراقها وإعادة هيكلتها , إعادة الهيكلة أمر سهل وبسيط , فجميع القيادات بالجمعيات الخيرية قضاة ودعاة ومعلمون ومشايخ ومن حقهم العمل المجتمعي لكن ليس من حق احد السيطرة والتكويش على مؤسسة تقدم خدماتها لفئات محتاجة وتتحكم بأموال أهل الخير. لن يتغير حال الجمعيات الخيرية إلا بعدما تتحطم أسوارها أمام الرقابة والمحاسبة والشفافية ولن يتغير سلوكها إلا بعدما يتغير القائمون عليها إداريا , فلماذا لا يتم تحويل جميع المواقع القيادية بتلك الجمعيات إلى وظائف رسمية بدل أن تكون وجاهة واحتساب وأشياء أخرى , لماذا لا يتم تشكيل مجالس منتخبة من قبل سكان كل حي يوجد بها جمعية بر تراقب المصروفات وتقدم الخدمات للموظفين استشارياً وليس ادارياً لماذا لا يتم تحسين رواتب العاملين بتلك الجمعيات فهل يعقل ان راتب احد الموظفين 1300ريال شهرياً التي لا تكفي لشراء وجبة غداء وعشاء لمدة يومين متتاليين. واقع الجمعيات الخيرية وغيرها من الجمعيات التي يسيطر عليها طابع فكري واحد كجمعيات تحفيظ القران ومراكز الدعوة وهيئة الإغاثة واقع مخجل ويدعونا لسرعة التحرك فالأموال متوفرة والعقول تخلت عن مبادئها وأصبحت باحثة عن مواقع للوجاهة والثراء السريع ويا خوفي أن تصبح مراكز غسيل أموال بعدما كانت مراكز غسيل دماغ. لن تتغير إلا إذا سقطت الأسوار وتحركت أجهزة الرقابة فمياه تلك الجمعيات راكدة والسبب طابعها الذي جعلها بمأمن عن مقص الرقيب الذي لم يتحرك نحوها منذ زمن طويل. اسأل الله أن يصلح الحال والى الله المشتكى....