• سبق وأن صرخت بمقولة مثقلة بالأسى ذات زمن حالم وقلت: مؤسساتنا الثقافية تكرم مبدعينا بعد أن يكرمهم التراب! • ومازالت هذه المقولة تؤتى أكلها كل حين .. فهنا احتفالية بذكرى رحيل فنان ، وهناك تكريم لراحل ملأ الأرض والسماء شعرا وجمالا وبياضا ، وهي بلا شك لفتات جميلة لمن أفنوا حياتهم في سبيل الفن والإبداع شعرا ونثرا ، مسرحا وموسيقى ، ولكن المؤلم أن نحتفي بهم أمواتا بعد تهميشهم أحياء! • في مجتمعنا الكثير من الأسماء الإبداعية التي عانت الفقر وهي الغنية بالعطاءات الوطنية الثرية بالمشاعر العاطفية والإنسانية ، ولم تلتفت لها مؤسساتنا الثقافية ، ولا لأسرهم المحتاجة للعطف والرعاية. • تذكرت في هذا السياق منظومة من الرموز التي رحلت عن دنيانا وأنا مستمتع بتلك الليلة الحجازية الخلاقة المتموسقة بأوتار سيد درويش الأغنية السعودية الفنان فوزي محسون رحمه الله في احتفالية رائعة نظمتها جمعية الثقافة والفنون بجدة قبل عدة أيام ، وذلك بقيادة مدير الجمعية الروائي الجميل عبدالله التعزي صاحب رواية (الحفائر تتنفس) .. والذي جعل جدة ذلك المساء تتنفس والبحر يختال زهوا وفتنة .. ولمعت حينها في ذاكرة الفن والشعر أسماء أهال الزمن عليها تراب النسيان. • في عهد الأمير فيصل بن فهد رحمه الله وقتما كانت الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون تحت مظلة الرئاسة العامة لرعاية الشباب ماليا وإداريا كانت هناك متابعة دائمة عن أحوال الفنانين والشعراء الاجتماعية والمادية ، وكان هناك دعم مادي ومعنوي بمبادرات إنسانية تصل إلى تأمين منازل خاصة بهم من قبل الأمير آنذاك. • والآن .. وبعد أن أصبحت للثقافة والإعلام وزارة خاصة مستقلة ماليا وإداريا ، لم نعد نرى أي اهتمام أو رعاية من قبل هذه الوزارة لأوضاع المبدعين وأسرهم الغارقة في الديون والإيجارات .. سوى بعض الدروع الزهيدة أو الشهادات الورقية التي لا تحمي العليل من الردى! • على حد حلمي .. لو أن الوزارة تبنت مأجورة صندوقا للأدباء والفنانين تدعمه ماديا وتشرفه عليه تنظيميا .. لكان خيرا لها من مصروفات تهدر على مهرجانات شكلية وأيام ثقافية لا طعم لها ولا رائحة .. ويكفي.