عندما يكذب السياسي إخفاء لبعض الحقيقة ، فإن بعض كذبه قد يُقبل .. في زمن اقترنت فيه السياسة بفن الكذب (لا بفن الممكن) ، واقترن الدهاء فيه بالنصب ، والشطارة بالاحتيال. فمثلا عندما يكذب حسن نصر الله ، فيوصي الشعب السوري خيرا بالنظام المستبد في دمشق ، فإن بعض دجله يُبلع ، وكثيره لا يُبلع لأنه اعتاد ذلك طوال مسيرته السياسية الحزبية ، كما أنه في النهاية قائد لحزب لا يحكم إلا طائفته ، وهي أقلية في لبنان. أما عندما يكذب النظام السوري كذبا لا حد له ، فهو بحق جدير بأن يكون (فشّارا) ، أي دائم الكذب ، لا يصدق في صغيرة فضلا عن كبيرة. النظام (الفشّار) يؤكد أن لا عروبة دون دمشق ولا جامعة دون سورية ، وأن العرب الذين تمثلهم الجامعة العربية كانوا دوماً سلماً على إسرائيل في حين هم اليوم أسود على النظام وعلى سورية (بيت العرب). هو كمن رمت الآخرين بدائها ثم انسلت ، بل وصدق فيه قول الشاعر لا تنه عن خلق وتأتي مثله=عار عليك إن فعلت عظيم والنظام (الفشّار) ، لا اليوم ولا الأمس تجرّأ فأطلق رصاصة واحدة على حجر فضلا عن بشر ... في إسرائيل ، مع أن إسرائيل لم تتردد في مهاجمة سورية قصفاً بالطائرات وتدميراً للمنشآت وتهديداً بالحرب وفرضاً للشروط. كل ذلك يهون في سبيل بقاء النظام (الفشّار) حامي حمى البعث العربي المجيد. وأما مسيرات الاحتجاج السلمية ، فقد وُوجهت بغير ذلك، إذ لم تتورع قوات الأمن السورية بكل تقسيماتها بما فيها الجيش (الذي حمى إسرائيل لأكثر من نصف قرن) عن إطلاق الرصاص الحي والقنابل الخفيفة والثقيلة والحارقة على أبناء الشعب السوري الأعزل إلا من إرادة التغيير التي هي قادمة لا محالة ، فتلك سنة الله ، ولن تجد لسنة الله تبديلا. أيها النظام النصيري الطائفي: كفى فشرا وكذبا ودجلا ، وكفى استعلاء ومكابرة ، واستعد لنهاية لن تبتعد كثيرا عن نهاية نظام العقيد المجيد. ستعيش سورية حرة أبية عزيزة قوية كما كانت قبل قرون مضت موئلا للإسلام وعاصمة للخلافة ودارا للثقافة والعلم والحكمة والأدب.