سأذكر لكم حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، تذكرته بعد صلاة الفجر في اليومين الماضيين ، لما أتاني أحد الإخوة المصلين فقال لي صلاة الفجر اليوم غير ، لها طعم آخر وأثر في نفسي عظيم ، سألته لماذا؟ قال : كنت في الفترة السابقة مفرط إلى حدٍ ما في الصلاة وقتاً وأداءً ، ثم بدأت الآن بالمحافظة عليها وقتا وأداءً -ويعني بالأداء الخشوع والطمأنينة-. كثيرون من يصلون ، لكن قليلا من يطمئن ويخشع ، وهم بذلك يفوتون روح الصلاةِ ولبها ، فيصلي أحدهم وكأنه لم يصلّ. اقرؤوا الحديث التالي عَنْ أَبِي هُرَيْرَة -رضي الله عنه- : ((أَنَّ النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى ، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ : ارْجِعْ فَصَلِّ ، فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ. فَرَجَعَ فَصَلَّى كَمَا صَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ : ارْجِعْ فَصَلِّ ، فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ -ثَلاثاً- فَقَالَ: وَاَلَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لا أُحْسِنُ غَيْرَهُ ، فَعَلِّمْنِي ، فَقَالَ : إذَا قُمْتَ إلَى الصَّلاةِ فَكَبِّرْ ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعاً ، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِماً ، ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِداً ، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِساً ، وَافْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاتِكَ كُلِّهَا)) رواه البخاري ومسلم. يسمى هذا الحديث عند أهل العلم حديث الرجل المسيء صلاته ، لاحظوا أن سيدي صلى الله عليه وسلم لم يقل صلاتك ناقصة ، أو فيها خلل بل (فإنك لم تصل) ، يعني كأنه لم يصل ، والخطأ الذي وقع فيه هذا المصلي هو ترك الطمأنينة المقتضية للخشوع ، فالصلاة ليست مجرد حركات بلا حضور قلب وطمأنينة نفس واستشعار. إن الصلاة صلة بين العبد ومولاه. فرقٌ أيها الأحبة بين أن تصلي لترتاح بالصلاة ، وأن تصلي لترتاح من الصلاة ، فنبي الله صلى الله عليه وسلم يقول لبلال (أرحنا بها) يعني الصلاة. في رمضان لدينا فرصة ذهبية ، ونحن نزداد اهتماماً بالصلاة والتراويح والتهجد ؛ أن نحسن من أدائنا في الصلاة ونعيش متعة حقيقية في الطمأنينة والخشوع ، حينها ستكون صلاتنا ناهيةً لنا عن المنكر ، ستكون صلاتنا بلسماً للشفاء من أوجاع الدنيا التي كثرت في عصر نسابق فيه أنفاسنا ، جرياً وراء دنيا متغيرة ، ستكون صلاتنا لها الأثر في توفيق وصلاح أبنائنا . يؤلمنا حين نرى أن بعضنا ينقر صلاته نقر الغراب ، وكأنها عبءٌ ثقيل يريد الخلاص منه ، وباختصار إذا دخلت الصلاة حاول ألا تعيش إلا مع الصلاة والصلاة فحسب ، وتلذذ بمناجاتك لربك وتضرع في سجودك إليه ، وحلق بروحك في سماء الروحانية التي تتجلى أوضح ما تتجلى في خشوع الصلاة ، وإلا فإنه ينطبق على صلاتك المثل الشعبي -كأنك يابوزيد ما غزيت-.