عندما نفقد قائداً عظيماً ، ورجلاً شهماً كريماً بحجم ومكانة الأمير سلطان بن عبدالعزيز (رحمه الله) فإننا نحزن ، ونذرف الدمع ، ولكننا نعلم يقيناً أن الموت أمر (مُقَدٌر) وأجل مكتوب لا يؤخر (فالعين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضى ربنا) إن لله وإنا إليه راجعون .. وعزاؤنا أن الأمير سلطان بن عبدالعزيز سيظل حياً في قلوبنا جميعاً ، وستظل ألسنتنا تدعو له ، وتذكره بالخير , وسيظل حياً بأعماله النبيلة , وبسيرته الطيبة , وبذكره الجميل . وقد سمي ( سلطان الخير ) لأنه من كبار الداعمين لكل عمل خيري ، وتجد أسمه على رأس قائمة المساهمين في كل مشروع إنساني ، ومن أوائل المؤسسين للمنظمات والمؤسسات والجمعيات الخيرية. (سلطان الخير) اسمه حاضر في جمعيات تحفيظ القرآن الكريم ، وفي جمعيات الأيتام ، وفي المبرات الخيرية ، وجمعيات الإعاقة ، وجمعيات الأمراض .. بل وحتى في الجمعيات العلمية والثقافية .. وعندما أتحدث عن الأمير سلطان وأعماله الخيرية فلن أستطيع أن أفي بجهوده في خدمة الأعمال الخيرية والإنسانية وذلك لسببين رئيسيين الأول أنني أعجز عن معرفة ما يبذله سموه من جهود في كافة الميادين الخيرية ولن أستطيع حصرها .. وحتى إن استطعت ( أن أُلم ) بميادين سموه في مجالات الخير فلن يفي معي هذا المقال لسرد الخير الذي بذله.. فجهوده (رحمه الله) معروفة ومشهورة ويشهد بها القاصي والداني فلسموه الكريم دور كبير مع أيتام منطقة الرياض فهو الداعم والمساند لهم ، وسموه من أول المساهمين في بناء كيان جمعية (إنسان) ، فقد منح الجمعية مليون ريال عند تأسيسها ، ووجه (رحمه الله) بأن يكون هذا الدعم سنوياً .. وبالفعل أصبحت الجمعية على موعد سنوي لهذا الدعم الكريم بحيث يصل تبرع سموه مع بداية كل شهر رمضان من كل عام .. وكان إجمالي ما ورد للجمعية من تبرعات سموه منذ تأسيسها (24) مليون ريال. ولا شك أن كل من قابل أو تعامل مع الأمير سلطان يعرف مدى شهامته ، وكرمه ، وحبه للخير ، وتواضعه . فقد تشرفت أن قابلت سموه في أكثر من مناسبة كان من أهمها ، زيارتي لسموه مع عدد من أبناء الجمعية وبعض أعضاء مجلس الإدارة ، وذلك في شهر محرم من عام 1424ه ، وقد تعجبت من تواضعه وملاطفته للأيتام وتقبيله لهم ، وهو يمسح على رؤوسهم ويكرمهم بمساحة قلبه الكبير . لقد شاهدته وتعجبت كثيراً من نبل مشاعره .. (سلطان الخير) رجل غني عن الأيتام ومع هذا كان يلاطفهم ويتودد لهم وكأنهم أبناؤه يقبلهم واحداً تلو الأخر ويداعبهم بمشاعره الأبوية الصادقة .. ما الذي يدعو هذا الرجل إلى التودد لهؤلاء الأطفال والمسح على رؤوسهم ومداعبتهم بالكلام اللين ؟؟ فقط لأنه يحب الخير .. ولأنه كريم بأخلاقه قبل ماله .. ولا شك أنه يتبع حبيبه وقدوته محمد صلى الله عليه وسلم .. ومن اللقاءات المهمة للأيتام مع الأمير سلطان .. لقاؤه ببعض أبناء إنسان بالخرج ، وذلك أثناء زيارته الميمونة لمصانع الخرج في شهر جمادى الأولى من عام 1428ه وقد كان ذلك اللقاء مشهوداً (أيضا) ليس للأبناء الذين شاركوا في ذلك اللقاء ( فحسب ) بل لجميع أيتام محافظة الخرج .. حيث قدم سموه هدية (مجزية) لجميع أبناء فرع جمعية إنسان بالخرج ، عبارة عن وقف خيري بقيمة (16.000.000) ستة عشر مليون ريال ، تم شراء هذا الوقف وتأجيره على جامعة الملك سعود بريع سنوي يبلغ (2.000.000) مليوني ريال .. وقد سُمي هذا الوقف ب (وقف الأمير سلطان لرعاية الأيتام بمحافظة الخرج) وأعطى هذا الوقف الخيري دفعة قوية لفرع الجمعية بمحافظة الخرج حيث يغطي بريعه السنوي ما نسبته (17%) من إجمالي ما يصرف لأيتام المحافظة. ولا شك أن هذا الوقف سيظل شاهداً لأعمال الأمير سلطان الجليلة .. وصدقة جارية لا تقطعه من أعمال البر ، حتى بعد وفاته (بإذن الله) .. لقد ترجل الأمير سلطان عن الحياة مخلداً له أسماً بين العظماء ، ومكانة في التاريخ .. فلمثله تكتب السير ، وله يرفع الأيتام أيديهم لرب البشر أن يرحمه ويعلي قدره ويجعل الفردوس له منزلا . اللهم أنه كريم وأنت تحب الكرماء وهو رحيم وأنت تحب الرحماء . اللهم فأكرم نزله وارحمه برحمتك الواسعة واجعله من عبادك المقبولين. ---------------------------------- مدير عام الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام بمنطقة الرياض (إنسان)