ما زلنا نحوم في أجواء السوسة الحمراء، كغيرنا في وزارة الزراعة .. لهم ربع قرن يعومون في بحيرة مستنقع هذه الحشرة الصغيرة .. نواصل اليوم الحديث بحزن .. ليس لأننا غير قادرين على تلافي الأخطار الصحية .. ولكن لأننا نملك أحلاماً لم تتحقق كغيرها من أحلام كاتبكم عن استنزاف المياه الجوفية وإهدارها .. وكان الحديث قد توقف مع المحور الأخير .. الجامعات .. والبحث العلمي .. وفي هذا الجانب .. يوضح سعادة الدكتور الهديب شيئاً من تجربته في هذا المقال الثالث. لم ينعقد على حد علمي سوى ندوتين عن سوسة النخيل الحمراء .. الأولى في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية بتاريخ (2 نيسان - أبريل 2007) .. انتهت كما تعلم بتوصيات تبدأ بحرف التاء .. (تنشيط ، تفعيل ، وتشجيع .. إلخ). ولا تزيد عنها ندوة (سابك) حيث أقيمت في (25 آذار- مارس 2008) حيث استعرض فريق المنظمة العربية للتنمية الزراعية نشاطاتهم البحثية خلال السنوات العشر الماضية .. وانتهت بالتوصيات نفسها كنتيجة لا أعتقد أنه يجب أن نقول: (إننا نقترح) .. بل أن نقول: (يجب على المسئول) وضع إستراتيجية واضحة في مكافحة سوسة النخيل الحمراء على مستوى المملكة .. ولا مجال للتردد. وهكذا .. كل المحاور المقترحة حول سوسة النخيل توضح أن المشكلة تكمن في اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب .. لذا لا بد للكل أن يشارك في حل هذه المشكلة المستعصية .. ويكفينا اجتماعات تصويرية ورمزية ، وأخبار صحافية تقوم على أساس طمأنة أصحاب القرار .. دون عرض الحقيقة. الدكتور الهديب كغيره من العلماء الحالمين .. يقول: لدينا أحلام .. نود تحقيقها ، كما يقال في اليابان .. نحن لا نحلم فقط .. بل نحن نحقق أحلامنا .. فهل تتحقق أحلامنا يا دكتور محمد ؟!.. نحلم يوما بأن يكون هناك مركز خاص بسوسة النخيل الحمراء ، يضع استراتيجيات واضحة لمكافحتها على مستوى المملكة ، ويطلب من الجميع تطبيقها ، تحت نظم ومعايير واضحة .. نحلم برفع مستوى الاتصال بين الباحثين ، وذلك بمشاركتهم في الأبحاث من خلال المركز .. نحلم بإنشاء لجنة لتقييم ودراسة البحوث ، والرسائل العلمية عن السوسة في المملكة ، ضمن أهداف واستراتيجيات المركز. أحلام سعادته لم تتوقف .. نحلم بوضع آلية واضحة لرجال الأعمال والشركات الكبرى ، لمعرفه دورهم في مكافحة سوسة النخيل الحمراء ضمن أهداف المركز .. نحلم بإنشاء معمل مركزي ، يضمّ جميع متطلبات الباحثين .. نحلم بإنشاء قاعدة بيانات تضمّ جميع المعلومات عن سوسة النخيل الحمراء ، وما تم عمله حتى وقتنا الحاضر ، ليكون رافداً لكل مهتم وباحث ، وأن يسهم في دعم هذه الإستراتيجية .. نحلم برفع المستوى المهني للمهندسين والعاملين .. نحلم بدعم الحجر الزراعي الداخلي والخارجي بحيث يخدم هذه الإستراتيجية .. نحلم بتبني يوم النخلة على مستوى العالم على غرار أسبوع الشجرة. وتستمر الأحلام .. نحلم باستحداث عدة كراسٍ بحثية لمكافحة سوسة النخيل الحمراء ، حيث تصبُّ في النهاية في أهداف واستراتيجيات المركز .. نحلم بتقييم جميع الأعمال الحالية لدى وزارة الزراعة والمراكز البحثية والجامعات في مجال مكافحة سوسة النخيل الحمراء وضمّها تحت مظلة المركز .. نحلم برفع حصر بيع النخيل على المناطق المصابة بالسوسة ، من خلال إنشاء سوق مركزي ، وما زلت اذكر اقتراحك هذا قبل أكثر من (15) عاماً ، وذلك لبيع الفسائل تحت إشراف الوزارة أو القطاع الخاص .. نحلم في نهاية المطاف بتحقيق شعار (نخلة تنتصر). وأخيراً .. الباب في حل هذه المشكلة لن يكون مسدوداً .. ما دام هناك (أمثالكم) لا يبخلون في الدفاع عن قضايا الوطن بكل وضوح .. تحياتي. ولسعادته نقول: أبشر .. تقبلنا تحياتك بنوع من الرعب ، يشوبه الحزن .. ويتعاظم .. إذا عرفنا أن هناك جهات كثيرة تشارك في حرب السوسة الحمراء .. أخشى أن تكون مثل الحروب العربية .. مستمرة منذ عقود طويلة .. نعرف أن (سوسة هانم) .. لها أكثر من (25) عاماً تصول وتجول بين (كاني وماني) .. فهناك جهات تكافح .. وجهات تدعم .. وجهات تموّل .. وجهات تجري الأبحاث .. منها وزارة الزراعة .. ومركز أبحاث النخيل والتمور بجامعة الملك فيصل .. ومركز أبحاث النخيل والتمور التابع لوزارة الزراعة بالاحساء .. ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية .. وأيضاً كرسي النخيل والتمور بجامعة الملك سعود .. وعمادات البحث العلمي بالجامعات .. وسابك تدعم وتموّل .. وكذلك ارامكو .. وهناك جهات تتفرج. وبعد .. أليست هذه مشكلة بكل المقاسات والعبارات والألوان .. كلٌّ يغنّي على ليلاه .. والحشرة تتفرج .. لا أدعو إلى التحقيق في هذه المهزلة .. السلامة في سلامة عقولنا.