** كان يتلوى أمامي كالثعبان , ذاك الذي يمارس رقصاته البهلوانية تحت بصر مروضه كما في شارع مزدحم بالسواح في الهند مثلا .. وبالفعل فقد سبب فعل صاحبي هذا بعض الحنق لي .. وعند إشارة المرور أومأت له , فانزل زجاج نافذة سيارته , ودار بيننا حوار مقتضب , ليقول لي معتذرا ومبررا : [إن شوارع جدة تحتاج إلى هكذا سياقة , تفاديا لحشد الحفر التي صارت (ماركة جداوية)] بحسب تعبيره -وأظنه لم يخالف الحقيقة- كما لو انه أراد إن يقول لي إن التمايل بالسيارة في شوارع جدة , يمكن إن يكفيك مؤنة الارتطام بحفرها , التي غابت عنها معالجات أمانة جدة , وكأن تلك الحفر المزعجة قد صارت واقعا مفروضا على الناس , وان عليهم إن يتعايشوا معها , لعجز البلدية الواضح عن علاجها. ** وبالصدفة البحتة كنت اقرأ في نفس اليوم في (عكاظ) 22 يونيو 2011... تصريحا لسمو وزير الشؤون البلدية والقروية ، أثناء جولة ميدانية له في جدة (أنه تلقى وعدا من أمين جدة المهندس هاني أبو راس بإنهاء معاناة طرق جدة نهائيا من الحفر والمطبات بعد عامين) !! .. ومعنى هذا إن معالي الأمين قد ضرب لها موعدا محددا , وهو على أية حال موعد بعيد , وما علينا إلا أن نواصل الصبر على تلك الحفر والمطبات , التي بالغت في إرهاقنا كثيرا. ** واستطراداً .. فثمة أشياء عجيبة في هذه المسألة , أولها إن بعض الحفر لا تحتاج -في ظني- إلا إلى قلاب إسفلت -ثمنه مئات الريالات فقط- ومعه حوالي ثلاثة عمال ليملئوا كل ما في الشارع من حفر , ثم يدكونها بدكاك صغير وانتهت العملية (أقول هذا وأنا غير المتخصص) ولا داعي لسفلتت الشارع بالكامل بملايين الريالات .. أليس هذا أسرع وأكثر رحمة بالناس , من انتظار سنوات حتى تتم الموافقة على ميزانية سفلتت الشارع , ثم ماأن تتم السفلتة حتى تظهر الحفر من جديد بعد أشهر قليلة , في حكاية عجيبة ربما يكون تفسيرها إن العمل أصلا غير مجوّد .. ثم هكذا دواليك - وكأنها لعبة قط مع فأر. ** الأمر الآخر .. هو ما تقوم به شركات (احفر وادفن) ومنذ سنوات بعيدة جدا وحتى اليوم , عندما تنتهي من حفرياتها في الشارع , وتقوم بإعادة السفلتة بطريقة غير فنية , وهذا ما تراه عيوننا في كل مكان تقريبا , حيث تظهر آثار عشوائية العمل , إما سريعا أو بعد أشهر قليلة ... (نتواءات , هبوطات , تشققات , حفر وعائية ... الخ) .. ليأتي بعد ذلك من يحاول (ترميم) الموقف (كلاميا) بان المكان نفسه يعاني من مياه جوفية مثلا ... الخ , أو انه تم إيقاع غرامات على الشركات المخالفة التي لم تعد السفلتة بشكل صحيح. ** طيب .. ما الذي استفيده أنا كمواطن من تغريم الشركات ؟ .. فانا أترنح يوميا فوق شوارع مهشمة , ولا فائدة جنيتها من تغريم البلدية للشركات , وقد يكون من المناسب -وهذا اقتراح- إجبار الشركة على إعادة سفلتت الشارع بالكامل .. هنا يمكن أن نصفق بحرارة ل (الأمانة) وسيكون هذا درسا بليغا للشركات. ** و (زبدة الكلام) إن شوارع جدة قد شبعت من الحفر والمطبات , وبالطبع فقد ارتوى سكانها حتى آذانهم من كثرة ما تهاوت سياراتهم في تلك المطبات , وبدأ الواحد منهم يضحك من هذه الحالة (وشر البلية ما يضحك) وذلك عوضا عن الحنق منها حفاظا على أعصابهم من التلف , وانتظاراً ل (أمل قادم من نهاية الأفق). ** وبالمناسبة فانه حتى الشركات التي تعمل حاليا على إقامة الجسور , لم تتعب -فيما يبدو- نفسها في رعاية الصيانة للتحويلات حول مشاريعها , فإنها هي الأخرى متخمة بالحفر والبروزات , ولا ندري هل ل (أمانة جدة) دور في متابعة هذه المسألة , أم إننا أيضا محتاجون ل (الصبر) حتى على هذه , إلى أن ينتهي سعادة المقاول من بناء الجسر.