سألت ذات يوم مديراً للإدارة العامة للمرور في المملكة: لو قامت امرأة تحمل رخصة قيادة سارية المفعول في بلد مجاور مثلاً بقيادة السيارة ، فما هو الإجراء الذي تتخذونه بحقها ؟ قال: ليس لديّ شيء أستطيع فعله. منال مسعود الشريف قادت سيارتها في الشارع ومعها أخوها ، وكانت في غاية الثقة والطمأنينة والمسؤولية ، فلم تكن تفحّط ولم تتجاوز إشارة ولا حدود السرعة ، وما عكست اتجاهاً .. إلى آخر قائمة ما يمكن أن يكون من مخالفات. فوجئت بالقبض عليها ، وأصبحت بطاطا ساخنة، يريد كل صاحب سلطة أن يتخلص منها بأسرع أسلوب ممكن ، ومن يقرأ الصحف ليوم أمس يجد أن لكل صحيفة قصة تختلف عن غيرها ، ولو ذهبت تقارن الأخبار للتوفيق بينها لما استطعت ، فمن قائلٍ: أُطلق سراحها ، إلى قائلٍ: سُجنت خمسة أيام ، ومن يقول إن الهيئة ألقت القبض عليها إلى آخر ما ينسب ذلك إلى غير الهيئة. ماذا عن التهم كما أوردت الصحف: الإخلال بالنظام العام ، مخالفة الأنظمة واللوائح ، وما بين هاتين ترد أسباب أخرى ، لكن عدم الحصول على رخصة قيادة هو السبب الوحيد لإيقاف شخص ، وهذه المخالفة لم تغب عن ذهن منال ، وربما وضعتها في حسابها وهي تتوقع ما يمكن أن يحدث ، لكن المشكلة هي في الاستنفار الأمني من أكثر من جهة وهيئة ، في قضية تقع من كثيرين في كل مدينة في كل يوم ، ليس بينهم امرأة. كثير من السائقين الوافدين يتعلمون قيادة السيارات هنا ، وكثيرون يهربون ليعملوا على مزاجهم وأهوائهم ، والأمر في حاجة إلى تنظيم أكثر شمولية وملاءمة لاحتياجات الناس وتطور سبل العيش ، ومن ذلك قيادة المرأة للسيارة ، بدلاً من ترحيل الأمر للأجيال القادمة. في تصريح لأحد المسؤولين: (لا شأن للحكومة بقيادة المرأة للسيارة) ، فهذه من اختصاص المجتمع ، وفي تصريح لمدير الإدارة العامة للمرور: (اسألوا الجهات التشريعية) ، ولا تكاد تعلم في أي ميدان تقع الكرة ، والقضية أبسط من ذلك كله.