يسعدني كمواطن أي خطوة متحضرة أو مشروع تنموي متميز تشهده أي مدينة أو قرية في وطني الحبيب ، ولذلك كنت في غاية السعادة وأنا أشاهد وأقرأ في مطلع الأسبوع الماضي أمير منطقة مكةالمكرمة يعلن عن اسم الشركة الأمريكية (أيكوم) التي فازت بعقد إدارة مشروع معالجة الأمطار وتصريف السيول وتطوير البنية التحتية لمحافظة جدة، بحيث تنتهي من تنفيذ الحلول العاجلة خلال ستة أشهر ، وتطرح مشاريع الحلول الدائمة على الشركات المنفذة بعد خمسة أشهر من توقيع العقد. تفاصيل العقد وحفل التوقيع نشرتها الصحف في حينه ، وقد قوبلت الخطوة بالكثير من الارتياح والتقدير والشكر ليس من المواطنين في مدينة جدة فحسب بل من الغالبية من مواطني المملكة الذين شاركوا سكان جدة آلامهم وآمالهم على إثر الكارثتين اللتين حلتا بالمدينة من جراء الأمطار. الإرادة الصلبة والإدارة المتميزة تجلتا بوضوح في هذا الأسلوب الذي تمت به معالجة مشكلة جدة وتلبية احتياجاتها من البنية التحتية ، وفي الحقيقة فقد كنت متفائلا وواثقا بأن الأمور ستسير على هذا النحو الذي تسير فيه وذلك لأن دعم خادم الحرمين الشريفين كان كبيرا وسريعا ، وإدارة وعزيمة خالد الفيصل التي أعرفها حق المعرفة كانت كفيلة بترجمة ذلك الدعم إلى واقع حي ، لن يمضي وقت طويل حتى يراه أهل جدة وزوارها شاهدا حيا على صدق الاهتمام وحسن الرعاية وجودة الأداء ونزاهة وحزم ووعي الإدارة. وعندما أقول نزاهة وحزم ووعي الإدارة فإنني أعني بكل وضوح خالد الفيصل الذي حظي بثقة القيادة في تجديد إمارته لمنطقة مكةالمكرمة لمدة أربع سنوات منذ أسابيع قليلة ، وأنا لا أتحدث عن إدارة هذا الرجل من فراغ ، وإنما عن معرفة عميقة وخبرة لا بأس بها ، وهو ليس في حاجة لمديح لا من قريب ولا من بعيد ، بل هو منذ عرفته يردد ويطلب دائما المشورة المخلصة مهما كان مستواها ، والرأي المدعوم بالدليل بصراحة ووضوح وجرأة ، وهو لا يأنف أن يسأل ، بل ولا يتردد عن قول لا أدري ولا أعرف حين يُسأل عما ليس من اختصاصه أو ليس لديه عنه معلومات ، وقد يقول قائل إن هذه أمور بديهية وطبيعية ، بل ومطلوبة في كل مسؤول ، وأقول إنها كذلك ، لكنني أذكرها للأمير خالد الفيصل بعد أن أصبحت هذه الصفات نادرة عند كثير من المسؤولين وغيرهم من الناس حتى من المثقفين الذين يطالبون بها ، فبعضهم يفتقدها كليا وبعضهم يتصنعها وبعضهم يدعيها ، أما خالد الفيصل فهي من سجاياه وأخلاقه وطبيعته ، بل هو يعتب بقدر من الوجع على من يثني عليه شخصيا بما هو فيه سجية وطبيعة وواجب ، وهو دائما إذا سمع أو قرأ ثناء مستحقا على شخصه ، اتجه ووجه تعليقه على ما تنجزه الدولة وعلى ما يفعله العاملون المخلصون معه ، وعلى ما يستحقه المواطن من خدمة وتطور ونمو ، وكثيرون مازالوا يعلقون على شعاره (نحو العالم الأول) بأنه قافز على الواقع متجاوز في تسابيح الخيال ، وهم لو توقفوا عند تساؤل الفيصل الذي جعله يطلق الشعار لاستدعاهم إلى التأمل والتدبر في إمكانية تحقيقه واقعا ، فهو تساءل: ماذا ينقصنا ؟ المال موجود والعقول موجودة فإذا توفرت الإرادة والإدارة سنحقق موقعنا في العالم الأول. وهو لا شك كان ومازال في غاية الصدق مع نفسه ومع الواقع والناس ، وهو يبدأ بنفسه فإذا كان شرط الإرادة والإدارة هو ما سينقلنا للعالم الأول طالما متطلباته الأولية متوفرة ، فها هو يقدم الأنموذج في جدة ، وقد باشر تقديمه وتنفيذ بعض بنوده في مدن مكة والطائف والليث والقنفذة وبقية المحافظات ، وحتى لا تظنوا أنني أبالغ أو أحلم أقول لكم إن خالد الفيصل لم ينس شرط الوقت لبلوغ العالم الأول لكنه اعتبره من البديهيات أو الشروط الواجبة ، مثلما يعتبر كثيرون صفاته في النزاهة والنبل من البديهيات أو الشروط الواجبة ، فامنحوه الوقت الكافي، فالله خلق السماوات والأرض في ستة أيام ، وزمن المعجزات انتهى ، وأمير مكة بشر لا يملك عصا موسى ، مع أنني متأكد أنه يحلم ويتمنى لو يملكها من أجل أن يجعل تنفيذ استراتيجية منطقة مكة في عشرة أيام بدل عشر سنين ، لكن (حيل الله أقوى).