شكوى المتقاعدين من ضعف الحال وقلة المال والخوف من المآل لا تكاد تنتهي . وحق لهم خاصة أولئك الذين خدموا كامل الفترة النظامية حتى بلغوا الستين من أعمارهم . وهذه عينة من واقع الحال . زيد من الناس تقاعد قبل 9 سنوات ، فإذا كل وقته في البيت إلا قليلاً ، فما هي المحصلة: • ازدياد وزنه بسبب قلة الحركة . • إصابته بداء السكري ثم بلوى الضغط . • ضعف بصره فلم يعد قادراً على قيادة السيارة خاصة عند الغروب وبعده . • أصابت ركبتيه خشونة ، فصعب عليه المشي إلا على عكاز . وحسب رأي أحد المستشفيات لا بد له من مفاصل صناعية تزيد تكلفتها عن 60 ألف ريال . • عمر المدام كذلك تجاوز الستين ، والحال من بعضه . الخلاصة أن هذه الشريحة تعاني من عزلة محبطة مدعومة بضعف وشيبة ومرض وهرم ، فهل يمكن للدولة تقديم شيء لها عدا المتاح حالياً . في نظري أن أول خطوة إصلاحية لهذا الملف تبدأ من توفير العلاج المناسب ، إما عبر تخصيص وحدات في المستشفيات القائمة تقدم لهم الخدمة مجاناً دون الدخول في طابور طويل وانتظار منهك لمواعيد العمليات أو الجلسات يستغرق شهوراً طويلة ، يشعر خلالها المتقاعد بالإهمال والإحباط والتجاهل . البديل الآخر منح هؤلاء بوليصات تأمين (محترمة) تسمح لهم بالحصول على العلاج المناسب في الوقت المناسب وفي المكان المناسب . الخطوة الثانية بناء قاعدة معلومات متكاملة ، وهي متاحة لدى المؤسسة العامة للتقاعد ، لكنها غير متوفرة للمتقاعدين أنفسهم ، حتى يسهل عليهم التواصل والالتقاء ، وربما المشاركة في أنشطة اقتصادية أو اجتماعية أو تطوعية . أما الخطوة الثالثة ، فبناء نوادٍ لهم ، لا يُشترط أن تكون فاخرة أو مكلفة تجمع شتاتهم ويقضون فيها شيئاً من أوقاتهم ، ويتبادلون من خلالها تجاربهم وأفكارهم . كلما زادت عنايتنا بهؤلاء ، كلما ارتفع قدرنا في ميزان الحضارة الإنسانية . هذا هو الإنسان الذي طالما تغنينا بخدمته ورعايته والبحث عن رفاهيته . هو في تلك السن المتقدمة أشد حاجة إلى تحويل كل شعاراتنا الجميلة إلى ممارسات وأفعال ليفرحوا بها ويكونوا من المستبشرين الواثقين والسعداء المتقاعدين .