بدأ صندوق تنمية الموارد البشرية في حصر الشباب العاطلين الراغبين في الحصول على الإعانة التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين ، وهذه في نظري ليست مهمة الصندوق ، فالصندوق أولا مهمته (تنمية) الموارد البشرية ، وثانيا فحصر العاطلين مهمة وزارة العمل والمفترض أن العاطلين من الجنسين معروفون لدى الوزارة التي ما فتئت تعلن بين الحين والآخر عن النسب والأعداد ، أما صرف الإعانة فمهمة وزارة الشؤون الاجتماعية والأمر لا يحتاج لمعجزة ، إنها مجرد آلية بسيطة تقوم بين وزارة العمل ووزارة الشؤون الاجتماعية ، بحيث يستطيع العاطل عن العمل أن يحصل على إثبات بطالته من وزارة العمل ثم يتجه لصرف الإعانة من وزارة الشؤون وهذه كلها يمكن أن تتم آليا ، وبعيدا عن إعادة الدرس من أوله الذي بدأ صندوق تنمية الموارد القيام به ، والذي يحتاج وقتا طويلا وجهدا كبيرا لتحقيقه ، بينما المعلومات متوفرة وجاهزة لدى وزارة العمل وإذا لم تكن كذلك فدور الوزارة أن تقوم به وليس الصندوق. الطريف أن مصدرا بالصندوق – وفق ما نشرت بعض الصحف أول من أمس – قال (إن دور الصندوق لن يتوقف عند منح الإعانة بل ستعرض على كل متقدم وظيفة لا يقل راتبها عن ثلاثة آلاف ريال ، وفي حال عدم تكيفه معها سيعطى فرصة أخرى حتى لا يعتمد الشاب على الإعانة التي ستستمر لمدة عام فقط .) أنا أشك في دقة هذا التصريح ، إذ إن مكمن الطرافة هنا هذه العروض التوظيفية المغرية التي نبتت مع الإعانة ، والتي يقدمها الصندوق ولم تعلم بها وزارة العمل ، ثم إن الصندوق لم يعلنها من السابق فمن أين سيأتي بها الآن ؟ هذا فضلا عن وضوح عدم التنسيق بين وزارة العمل والصندوق ليقوم كل منهما بدوره المنوط به ولا يحل محل الآخر. إن مهمة صندوق تنمية الموارد كما يفترض هي تأهيل غير المؤهلين عن طريق دورات تدريبية في الداخل والخارج ، وتحفيزهم وتشجيعهم للتأهيل والتدريب وتهيئتهم للعمل ، ومن ثم التنسيق مع وزارة العمل من أجل توظيفهم ، أما إعانة العاطلين منهم وأما الرواتب التشجيعية لهم أثناء العمل فتلك مهمة وزارة الشؤون الاجتماعية. قد يظن البعض أن في ذلك تشتيتا للجهود بينما الحقيقة أن ما يحدث الآن هو التشتيت بعينه تشتيت للجهود والأموال ، وتداخل في المهمات والأدوار ، فإذا كان صندوق الموارد هو من سيتولى حصر عدد العاطلين والعاطلات وصرف إعاناتهم للبطالة ، وتوظيفهم وتدريبهم وتأهيلهم وصرف الرواتب التشجيعية لهم فما هو دور وزارة العمل ، بل وما الداعي لوجودها أصلا، ثم ما هي الإمكانات الجبارة التي يملكها الصندوق أو يحتاجها للقيام بكل هذه المهمات الجسام ؟ إنني أخشى أن ينتهي العام والصندوق لم ينجز مهمة الحصر ، وبالتالي فلا توظيف ولا تدريب ولا إعانة، ويبقى العاطلون في دوامة الروتين فلا وظيفة تحققت ولا إعانة صرفت ولا تدريب حصل ، وحينها ننتبه للفوضى التي حدثت فنضع نقطة ثم نبدأ من أول السطر ، وهكذا دواليك.