أمضى سنوات عمره يعمل في اشرف مهنة وهي (التدريس) واستمر لما يزيد عن ثلاثين عاماً ، يقوم بأداء هذه الرسالة العظيمة خير أداء, مخلصاً, منتظماً, مطوراً لذاته, مستثمراً خبراته ، انعكس كل ذلك في مشاعر الود وباقات التقدير من تلاميذه الكثر, حيث احتفى زملاؤه به ليلة تقاعده ، إذ عبر الطلاب والمعلمون وأولياء الأمور عن امتنانهم وودهم وتقديرهم لهذا المعلم, حيث قدموا الهدايا التذكارية, ونثروا صادق العبارات, عرفاناً له, وتثميناً لجهوده, واعترافاً بعطائه . وللحق كان ومازال مميزاً في سلوكه ، بارعاً في طرائق تدريسه, لا يركن للتقليد، مطوراً قدراته ، مجدداً أساليبه ، محلقاً في إبداعه ، من أوائل معلمي الباحة الذي ابتكر طريقة التعليم بأسلوب الترفية, وذلك قبل مايزيد عن أربعين عاماً ، والآن أصبحت الطريقة التي طبقها من زمن طويل هي الطريقة التي يحفز مسؤلوا وزارة التربية والتعليم ، وتدعوا إليها الوزارة, خصوصاً في الصفوف الأساسية . طلابه الذين نال بعضهم درجة الدكتوراه, والبعض يعمل في مواقع قيادية, وفي مجالات متنوعة, يثنون عليه ، ويذكرون أسلوبه التدريسي المتميز, ويعتبرونه أنموذجاً يُحتذى به, ويُهتدى بطريقته, والسبب في ذلك أنه لم ينتهج أسلوب العقاب والذي كان متعارفاً عليه في تلك الفترة ، أخذ هذا المعلم مساراً آخرا ، حلق في مجال الإبداع, ليصبح تلاميذه الصغار متميزون في تحصيلهم العلمي ، متمكنون في مهارتي القراءة والكتابة ، وهم مازالوا على مقاعد الصف الأول الابتدائي ، إنها الطريقة الصحيحة والواعية في التربية والتعليم . حيث تهيأت لهذا المعلم فرصة إكمال الدراسة في مركز الدراسات التكميلية في مدينة الطائف ، وقتها لم يتنازل عن الترتيب الأول بين أقرانه ليس على مستوى الطائف, فحسب بل على مستوى جميع مراكز الدراسات التكميلية في المملكة ، أنبهر أساتذته من قدراته الفائقة وذكائه ، وبعد أن تخرج عينته الوزارة مدرساً في ابتدائية مليكة بمنطقة الباحة ليمكث عدة أشهر, كان يتوقع أن المجيدين في ذلك الوقت ينالون شيئاً من التكريم إلا أنه فوجئ بنقله إلى مدرسة أبعد وهي مدرسة القوارير وكأن الإدارة تعاقب المتميزين ، لينال أصحاب المحسوبيات والوسطات في ذلك الوقت مواقع قريبه، هكذاً علناً دون حياء, إلا أن الحصان الأصيل لا ييأس ويرى الميدان متسع للمنافسة والصبر والتحدي لتتهيأ فرصة الدراسة في كلية المعلمين بمكة المكرمة ، ويواصل تقدمه العلمي والتربوي تخصص الرياضيات ، أساسي ، واللغة العربية ثانوي ، ليتمكن وبجدارة كأول معلم في منطقة الباحة من ذات التخصص التدريسي في المرحلة المتوسطة بعد إنهائه دورات تدريبية مكثفة ومتخصصة واستمر يغدق في العطاء ، ليتفرد في أساليب وطرائق التدريس ، ليحاكيه بعض طلابه ، إذ سلكوا نفس تخصصه اقتداء به, وتأثراً بأسلوبه, لم يكن متفوقاً في علوم الرياضيات فقط بل أيضاً بارعاً في اللغة العربية ، مرجعاً حين يحتدم النقاش حول بعض المسائل اللغوية . المعلم الذي أردت التعريف به هو شقيقي الأكبر مهدي بن علي الكرت الذي حاز على كثير من شهادات الشكر والتقدير على مستوى الوزارة والإدارة العامة للتربية والتعليم ، والآن يعاني من مرض ألم به ندعو الله أن يمن عليه بالشفاء العاجل وأن يسبغ عليه ثوب الصحة والعافية إنه سميع مجيب .