شدى ناصر سيدة فاضلة ومحامية قديرة يمنية الجنسية والوطن ، آلت على نفسها الدفاع عن حقوق الصغيرات (القاصرات) اللائي يتعرضن للزواج بالإكراه ، أو الخديعة من ذكور بلغوا من الكبر عتيًا ، مقابل مال وفير ، أو وعد سخيف. آخر الضحايا اللائي دافعت عنهن بنجاح كانت مريم ، التي أُرغمت على زواج ظالم ، وهي في سن الحادية عشرة ، ولم تتمكن من الانعتاق رسميًّا من هذه المأساة إلاّ بعد 3 سنوات ، أي هي اليوم في الرابعة عشرة من عمرها ، وقد سُلبت منها البراءة ، والطمأنينة ، والثقة في مَن حولها ، وأولهم الأب ، ثم المجتمع ، والنظام ، والثقافة السائدة المتخلّفة. تقول مريم إنها من ساعة اقتيادها عنوة إلى بيت زوجها الذي يكبرها بأكثر من 20 سنة ، رفضت الانصياع له ، وتمكينه من نفسها ، فكانت تحبس نفسها في غرفة مغلقة لفترات طويلة حتى إذا خرج من البيت قضت حاجتها من طعام وشراب وتصريف ، لكنه احتال عليها يومًا ، فنال بغيته عدوانًا واغتصابًا ، وبدأت بعدها مشوار الطلاق الطويل مدعومًا بالسيدة شدى ناصر التي سبق لها الدفاع عن قاصرات أخريات نشرت أخبارهن على المستويين المحلي والعالمي. في اليمن حوار ساخن حول هذه القضية المؤلمة ، ومع أن الثقافة السائدة محليًّا البائدة حضاريًّا وإنسانيًّا هي المهيمنة ، إلاّ أن تسليط الضوء على هذا الكم من المخالفات اللا إنسانية سيدفع بالتشريعات هناك إلى تجريم هذه الممارسات البدائية. وفي بلادنا اليوم حديث متشابه وحوار جاد ، وإن كان هامسًا متذبذبًا متلونًا يتراوح بين أقصى اليمين وأقصى اليسار .. من متمسكين بإطلاق الحبل على الغارب دون قراءة للنتائج والمآلات ، ودون تفكير في الأرقام المفزعة لأعداد العوانس من البالغات الراشدات ، وآخرين يريدون تجريم هذا العمل حتى يصبح جزءًا من تاريخ قديم لا يتكرر. وإلى حين يصدر تشريع يحد من هذه الممارسة الخاطئة في حق الطفولة الغافلة ، أتمنى أن يكون لدينا في المملكة من أمثال شدى ناصر أعلام كرام يرفعون الراية ، ويعلنون الدفاع عن ضحايا هذه الممارسة حتى نهاية المشوار .. هؤلاء سيرسمون الأمل ، ويشكلون معالم واضحة في طريق محفوف بالمكاره ، لكنه منتهٍ بالأجر والسداد.