يقول الزميل المتميز عبدالله المطيري في مقاله العميق الذي نشرته هذه الصحيفة يوم الأربعاء الماضي تحت عنوان (استغلال الطفولة: درس لا تسلَم): (ومن المعلوم أن رفض بدء التحية هو موقف عدائي مضمر وخطير. وإذا كانت تحية السلام تعني الأمان والسلم فإن حجبها عن ذات معينة يعني حجب هذه القيم أيضا. فأنا لا أسلّم عليه بمعنى أنني لا أعطيه حق السلم والأمان. يأتي هذا التوجيه في سياق تحديد موقف الطالب من العالم فالطفل ينشأ اليوم في مجتمع متنوع بشكل كبير سواء على أرض الواقع أو من خلال وسائل الاتصال بمعنى أن الطفل ينشأ في محيط تتعدد فيه الأعراق والألوان والديانات والجنسيات، الطفل السعودي مثلا يعيش في وسط يشمل المسيحي والبوذي والهندوسي والآسيوي والأفريقي وغيرها من التنوعات الكبيرة. يأتي التعليم النظامي هنا ليحدد له طبيعة علاقته من هؤلاء المختلفين عنه. أغلب أنظمة التعليم في العالم اليوم تجعل من أولوياتها أن تساعد الطفل على أن يحب هذا التنوع ويفتخر به ويشعر أنه فرصة جميلة ليعيش في بيئة غنية بالآخرين المختلفين. تؤسس هذه الأنظمة لفكرة أن اختلاف الناس لا يعني أن أحدهم أفضل من أحد بل هو دليل على حرية البشر وخياراتهم الخاصة التي يجب احترامها. في المقابل نجد أن الطفل السعودي يتعلم العكس تماما. فهو يتعلم أن هناك مشكلة جذرية مع الآخرين، مشكلة تمنعه حتى من إلقاء التحية على الآخرين المختلفين معه في الشارع.). إنني أتفق تماما مع كل ما طرحه الزميل العزيز، ولأن واضع المنهج المدرسي قد استند إلى نص حديث نبوي اختلف الفقهاء حول دلالاته وروايته ولهم فيه أقوال كثيرة منها المتشدد ومنها المتسامح والمبيح، ولأن واضع المنهج اختار التشدد في هذا الأمر بموافقة ومباركة الوزارة، فإن المطلوب من الوزارة الآن هو تكليف واضع المنهج بإضافة مذكرة تفسيرية أو آلية للتطبيق في الميدان، بمعنى أن الطالب الذي يتعلم هذا الدرس ويريد أن يطبقه في الميدان ماذا يفعل يا وزارة التربية وهو يعيش في هذا المجتمع المتنوع الذي ذكره المطيري أعلاه، دعك من طلبتنا وشبابنا المبتعثين في الغرب والشرق فهؤلاء نستطيع أن نقول لهم ببساطة لا تسلموا على أحد البتة حتى على معلميكم وزملائكم بل وضيقوا عليهم الفصول والقاعات والشوارع إن استطعتم!!، لكن ماذا يفعل أبناؤنا وبناتنا المقيمون في الوطن، هل نقول لهم قبل أن يسلم أحدكم عليه أن يسأل من يسلم عليه عن دينه؟ أم أن لدى واضع المنهج درسا آخر في الفراسة يمكن أن يضيفه ليتمكن كل مسلم من تعلمه حتى يعرف أن الذي أمامه مسلم أو غير مسلم، وهل في علم الفراسة ما يتيح معرفة عقائد الناس؟. قد يقول قائل ولماذا لا تحذف الوزارة هذا الدرس وتنتهي المشكلة؟ وأقول إن هذا من بديهيات الأمور ولكننا اعتدنا أن البديهيات تتطلب شرحا معقدا ولهذا يبدو أن مطالبة الوزارة بمذكرة تفسيرية لكل طالب أسهل من إفهامها أن التنطع والتشدد جهل ومهلكة ما بعدها مهلكة.