تبدو لي ثقافة الفرح في مجتمعاتنا العربية غير بعيدة عن باقي دول العالم ، فحتى الأعياد التي شُرع لنا كمسلمين الفرح فيها لم تسلم من الإسقاطات بطرق مختلفة ، ناهيك عن أيام أوطاننا العربية ، وباقي المناسبات العامة ، حتى تلك المناسبات الخاصة التي يحضر فيها الفرح شاهداً ثالثاً على الطلاق مثلاً . أفهم أو أتفهم مدى رغبة المحتفل بالاحتفال بالمناسبة التي يمكن أن تسهم في خلق الفرحة بين أكبر عدد ممكن من الناس في حدود الأدب بطبيعة الحال ، إنما ما لا أفهم أو أتفهمه أن ينقلب المحتفل للتنفيس عن فرحته إلى ممارسات أخرى لاعلاقة لها بالفرح وتداعياته العفوية ، لها علاقة مباشرة بسوء النية والعياذ بالله قبل سوء التربية والصحبة ، وكأن وأد الفرحة في مهدها من أهم بنود تلك الرسائل المجهولة التي تُبث بين أفراد المجتمع ، تحت ذرائع شتى ، فيتلقفها البعض فينصرف إلى معاكسة النساء ، وعكس سير المركبات في الشوارع ، وتكسير المحال التجارية ، وغير ذلك مما يبدأ في تجذيره من يزعمون أنهم أوصياء على العباد ، وتبسطه تلك الأفلام والمسلسلات تحت ذريعة الانتقام وتكسير الفرح على رؤوس الحضور ، وما تنقله لنا وسائل الإعلام العالمية عن المخمورين ، وانتظار ساعة الصفر لانطلاق الانحلال . بل أصبح المجتمع العربي يتأذى من الفرح أسوة بالإنكسارات المختلفة ، بما أن النتيجة واحدة ، والله المستعان .