من الفطنة قبل الذكاء أن تصبح ملماً بدروس كرة القدم ودروس واقعها المرير ذاك الواقع الذي لا يعترف بالتكهنات والنتائج المسبقة بقدر ما يعترف فقط بالميدان وحماس اللاعب وروحه كون هذه مع تلك هي المقومات الثابتة في مضمون هذه اللعبة المجنونة التي دائما ما تقوم على المفاجآت. ماضي كرة القدم ماض فيه من العبر ما يجب على الشباب والهلال استيعاب دروسها وعندما نقول ذلك فالغاية والمراد هو أن نحتفي بهذين العملاقين اللذين نحلم جميعا بأن يقدما الفوز كأبلغ الهدايا وأثمنها للوطن في ليلة هي ليلة الاحتفاء بالماضي والحاضر والمستقبل. فالهلال في قطر والشباب في الرياض عليهما أن يستذكرا أن تلك الأهداف الخمسة التي طوينا معها صفحة الذهاب قد تكون شبيهة لما سبق وأن تحقق للاتحاد عندما خسر على أرضه وأمام أحد الفرق الكورية وبثلاثية نظيفة لكنه عاد ليحول هنالك في كوريا مسار الثلاثة بخماسية في وقت لم يكن متوقعاً فيه التعويض لا في حسبان المتشائمين ولا في حسابات أكثر المتفائلين. فكرة القدم لها واقع مرير في مباراة قد تكسب بالثلاثة وفي أخرى قد تتعرض للخسارة بعشرة ومن هنا وجب التذكير بأن المهة مهمة الشباب والهلال تحتاج إلى أقصى درجات الحذر حتى لا تتأزم الأمور وتتحول مرحلة الذهاب ونتائجها الإيجابية إلى أزمة تقضي على كل حلم يراودنا كسعوديين بتحقيق هذا اللقب القاري الكبير. فنياً نتفق جميعاً على أن الهلال من حيث الإمكانات والمستويات والنجوم وكذلك من حيث النتيجة السابقة هو الأفضل لكن هذه الأفضلية لا يجب الاعتماد عليها بقدر ما يجب الاعتماد على واقع ما يتم التعامل معه خلال سير المباراة لكي نقصي من أوراقنا ما يمكن القول بأنه مفاجأة. والشباب الذي فاز بثنائية في كوريا عليه القيام بذات الدور حتى يضمن له موقعاً وثيراً في دور الأربعة وهذا التوجه لا يملكه الجمهور ولا الإعلام وإنما هذا التوجه مسؤولية إدارة الناديين في المقام الأول. شخصياً أنا متفائل بأن الهلال سيد آسيا وزعيمها المتوج وكعادته قادر على أن يضيف لقلوبنا الفرح ولن يترك مع شباب البلطان ونجومه مناسبة اليوم الوطني أن تمر دون أي إضافة فرائحية وبنتيجة ومستوى وتأهل يضع البطل في مساراته المنطقية والصحيحة. فمن ياسر والشلهوب إلى حيث فكر شبيه الريح ومن عطيف إلى كماتشو وتفاريس وإلى أن تصل حدود الرئيس الشبابي وإدارته هنالك بوادر ومؤشرات ودلائل تؤكد لنا ولمن هو ملم بأحوال كرة القدم أن هذا الثنائي السعودي سيغرد خارج سرب المنافسين وسيصعد إلى دور الأربعة بهمة الأبطال وبحماس المبدع الذي لا يقبل سوى بريق المركز الأول وتوهجه. غادر غرم العمري ورحل سلمان القريني والنتيجة في تصوري لن تتغير ولن تتبدل فالأهلي شقيق النصر عشوائية عمل وقلة خاتمة. ماجد وطارق كيال لا يحملان عصا موسى فالشق في النصر والأهلي أكبر من الرقعة ولهذا وجب التذكير بأن العلة برمتها تكمن في منظومة وليس في شخص أو لاعب أو مدرب بعينه! يغارون من الهلال ويثيرهم نجاح الشباب وتستفزهم بطولات الاتحاد فيما هم هنالك بعيدين ينتظرون أي وعكة تصيب النصر والأهلي من أجل الشماتة. هؤلاء هم أعضاء الفلس وأعضاء الانكسارات، أما الناس كل الناس فهم مدركون بأن خالد بن عبدالله قامة رياضية وطنية تحملها الضمائر والقلوب والأفئدة لأنه الوحيد الذي لم يترك الأهلي ويهرب.. وسلامتكم.