إذا كان لديك رغبة في مشاهدة عامل بمهنة متسول، فما عليك إلا متابعة عمال نظافة أمانة مدينة جدة عند إشارات المرور (الحمراء)، بعد أن اتخذوها نقطة انطلاق للتسول المغلف بصعوبة العمل، في حركة ترددية تطول في بعد عن الإشارة عندما يزيد طابور السيارات، وتقل عندما تكون الحركة أقل. لأنه يحصر عمله في خط مستقيم جيئة وذهابا بجوارها (إشارة المرور)، مجتهدا في بعثرة ما تبقى من أوراق الشجر، وما تطاير من أعقاب السجاير، وما صغر من الورق لأنه يكنس الهواء من فوقها أو بجوارها. كل ذلك وعينه ترصد أي حركة، فما أن ترفع يدك داخل سيارتك حتى يتابع ما يمكن أن تنتهي به تلك الحركة .. ناهيك عن ردة فعله عندما تقوم بفتح زجاج باب السيارة الأمامي أو الخلفي. أما إذا ما رفعت يدك في إشارة لمناداته فإنه يأتيك بأدوات عمله مسرعا، لأنه تعود أن يجد الجود من عابري الطريق وهم في سياراتهم، وفي هذا مدعاة للاستمرار في التسول. الغريب أن هذا التصرف يحدث بصفة مستمرة، مما يدل على أن أمانة محافظة جدة لا تهتم بسلوك العاملين .. والأغرب أن شركة النظافة تتفرج على عمالها، وكأنها تقول: عوضوا نقص الراتب بالتسول في بلد خيره كثير!!. وإلا ماذا يعني استمرارية تسول عمال النظافة بتلك الطريقة؟. أما عمال النظافة داخل الأحياء فليسوا بأحسن حال من أمثالهم عند الإشارات، كون نظافة المساحة التي أمام منزلك تتم بقدر ما تدفع للعامل، وإلا فإن النفايات المتحركة سوف تستقر أمام دارك، وهنا أيضا تختفي الرقابة وتقل المتابعة. وإذا ما انتقلنا إلى عربات تجميع النفايات من الحاويات فإنك أول ما تلاحظ أثاثا متنوعا، وأخشابا يعلوا صندوقها، وأكياس علب المشروبات الغازية الفارغة، وقطع الحديد، وأسلاك الكهرباء، وكل ما يمكن أن يستفاد منه ولم تطله أيادي نابشات، ونابشي القمامة من بني سيكل. بقي لي أن أقول: إن هذه الفئة من العمال تحتاج إلى متابعة لتعديل سلوكها، وإعادة عملها فيما استقدمت له، بعد أن تفرغوا للتسول، ونبش النفايات، وتجميع الكراتين الفارغة، وما غلا ثمنه من حاويات النفايات.