الصيف.. والظلام.. والظمأ ** ما يكاد يطرق الصيف الأبواب حتى تطرق قلوبنا علّتان.. (الماء والكهرباء)!! كلتاهما نعمة، لكن المصلحة والشركة تجعلان منهما في بعض المناطق نقمة!!. وبقدر ما تستعجب أن يحدث هذا، بقدر ما يكاد العجب يوقف شعر رأسك شعرةً شعرةً في هذا (التمادي) القاتل.. ففي كل عام تتكرر ذات المشكلات، ونعيش نفس المعاناة. وتظل الحلول (الجذرية) غائبة إلاّ من تصريحات نارية لبعض المسؤولين، اعتدنا عليها مع كل بدء موسم صيف، بأنهم مستعدون تمامًا؛ لنكتشف فيما بعد أن حقيقة تلك التصريحات للتهدئة لا أكثر!! ** تأمّلوا زحام الناس على أشياب ووايتات المياه، تكاد تكون هي نفسها العام الماضي!! أخشى إن دققنا سنجد نفس الوجوه!!. و(في ظل الفتاوى المعلّبة) فسأفتي صحافتنا بأن لا حرج عليها لو استعادت صورها الأرشيفية لعلمها المسبق، بتكرار ذات المشكلة!!. ** بدأت مشكلة المياه هذا الصيف تطل بأذنيها وقرنيها من الطائف المأنوس، وكأن مسؤولي المياه يريدون أن يبعثوا برسالة مسبقة الدفع إلى المصطافين بأن صيفهم قد لا يخلو من الظمأ!!. المهم قالوا إن المشكلة قد حُلّت ولا أدري إلى متى تقاوم الحلول؟ ولا أدري عن جدة والباحة وبقية المناطق؟ دعونا ننتظر، واسألوا الله الفرج!!. ** الكهرباء أشد مصافحة لنا مع بداية هذا الموسم!!. العديد من مناطق المملكة عاشت ولا زالت تعيش انقطاع التيار الكهربائي.. وكأن شركة الكهرباء تريد أن تمنحنا مزيدًا من الاختناق، إضافة إلى هذا الحبس للأنفاس من شدة الحر (نسأل الله اللطف) في يوم أشد حرًّا منه. ** ورغم أن هذا الحر اللاهب لا يستثني أحدًا من معاناته إلاّ أنني تذكرت صورتين قد تكونان أكثر مأساوية من غيرهما. الأولى لأولئك الذين يئنون على الأسرّة البيضاء من أوجاعهم، أو حتى لأولئك الموجوعين داخل منازلهم.. هؤلاء كيف يتحمّلون شدة المرض، وشدة الحر؟!. (كان الله في عونهم)!! والثانية لأبنائنا وبناتنا في قاعات الاختبارات.. وكأني بأنفاسهم تحتبس داخل عنق زجاجة!!. ** وفي المساء تغنيك صورة (المدينة) عن أي تعبير.. وأعني بها تحديدًا تلك الصورة لطلاب صغار يذاكرون دروسهم ليلة الاختبار على ضوء شمعة!!. (هنا) لا تسألوا عن التركيز، ولا عن الارتياح، ولا عن كل المقومات الأخرى! ما يمكن أن تتخيّلوه فقط هو صورة ذلك الأب الذي يتنقل بأبنائه من حديقة إلى أخرى بحثًا عن بقعة ضوء!!. ** و(قطعًا) فمسؤولو التعليم راحوا يتبارون بالتصريحات بأن الاختبارات لها أنظمة ولوائح ومحكومة بزمن محدود، وبأعذار شرعية محددة، وبالتأكيد فإن الظلام ليس من بين تلك الأعذار؛ لهذا فانتبهوا (يا يا يا يا طلاب)! لن يعاد الاختبار لأحد!!. ولأن المقتول لم تعد تضره طعنة، فلم يعد يهم الأبناء كيف ستؤول إليهم النتائج بعد أن وقعوا ما بين (سندان) الكهرباء و(مطرقة) الأنظمة!!. ** وإذا كان أبناؤنا هذه الأيام في وضع لا يُحسد عليه، نتيجة مجموعة من المشكلات تتهددهم.. أولاها وأخطرها المخدرات.. وهذا السلاح اللعين الذي يجد مروّجوه سوقًا بين قطاعات الشباب في أيام الاختبار بدعاوى السهر، وسعة الذاكرة، وهدوء الأعصاب، وراحة البال، وغير ذلك من الكلام المستثير (لرغبات وطيش وجهل) الشباب في آن واحد. هذه المشكلة يسهر رجال الأمن على حماية أبنائنا منها بعد حماية الباري عز وجل. ويظل لنا كأسر دور يجب أن يكون له حضوره!!. وتأتي (الدروس الخصوصية) كمشكلة أخرى، وإن كانت أقل درجة وضررًا من سابقتها. لكنها تظل مشكلة في حد ذاتها!!. فإننا قد أضفنا إليها (الظلام والحر) ليشكلا معاناة لها أثرها في نفوس أبنائنا، ولها تأثيرها على مستوى تحصيلهم وأدائهم مهما حاولنا أن نقلل من حجم هاتين المشكلتين!!. ** شركة الكهرباء أعذارها جاهزة تمامًا، (فكثرة الأحمال) اعتدناها إلى درجة السأم والقرف!!. والسؤال الساذج و(المتبسط) إلى حد الأرض.. ما هو الحل؟!. ثم إلى متى سنظل على هذا الحال؟!. ** في هذا العالم الفسيح دول أكثر منا سكانًا واستهلاكًا للكهرباء، ولم نجد (فطيرة داود) عندهم كل يوم، لم نسمع عن مثل هذا الانقطاع، ولا عن زيادة أحمال!!. ** ورغم أني لا أريد أن ألتمس لشركة الكهرباء عذرًا، ولكن للحق فإن هذا الانفجار السكاني، وهذا التطور والتوسع العمراني الذي تشهده البلاد، يجعلان وفاء شركة كهرباء وحيدة وقديمة بأنظمتها وآلياتها شبه مستحيلة، إلاّ إذا قبلنا ب(العرجاء البيّن عرجها)!!. ولذلك فالمطالبة بوجود شركات كهرباء متخصصة أخرى أمر مهم، وفي الاتصالات خير دلالة!! خاتمة : الخصخصة.. أقصر الطرق لإيقاف صداع التنمية.