يقال إن المعروض هو ورقة تتقدم بها لجهة ما تتنازل فيها عن كرامتك الإنسانية لتطلب حقا من حقوقك الوطنية، وعلى مستوى العالم يبدو لي أننا الوحيدون المتمسكون بهذا التراث العظيم، ومعلقون بالملفات العلاقية في زمن الحكومات الإلكترونية التي اكتسحت تعاملات الأرض!. ومع ذلك لم تجد كل (المعاريض) التي كتبتها بشرى حمد البالغة من العمر 25 ربيعا والمتخرجة من كلية التربية بجدة أي صدى أو تجاوب، لأنها (غلبانة) ولاتملك عصا الواسطة السحرية التي توظف من تشاء وتستبعد من تشاء وتعلق من تشاء إلى أجل غير مسمى!. وحيث لم تجد هذه الخريجة الجامعية السعودية والتي تدرس الماجستير حلا يوفر لها لقمة العيش بعد أن أضاعت سنتين من عمرها في انتظار الحصول على وظيفة «معلمة» من وزارة الخدمة المدنية سوى أن تعمل في بسطة على رصيف من أرصفة محافظة جدة تحت أشعة الشمس لتوفر لنفسها مبلغا يتراوح بين 40 و 60 ريالا في اليوم نقلا صحف إلكترونية وورقية. ولأن معروض بشرى والكثير من بني جنسها حاف جاف بدون متبلات أو مقبلات، لاتتبعه شفاعة ولا تحفه وساطة أو (دخالة)، فستظل معرضة لهذا الامتهان على قارعة الحياة، وفوق رصيف البؤس والفاقة في زمن يلهث فيه المستقر وظيفيا فلا يستطيع أن يوفي بمتطلباته وأساسيات حياته الاجتماعية، فما بالكم في من تتقاذفهم رياح البطالة المدمرة، وعواصف الفراغ القاتل؟!. لقد كتبنا كثيرا ونحن نغني بحسرة مع فيروز: (كتبنا وما كاتبنا .. ويخسارة مكتبنا كتبنا مية مكتوب .. ولهلا ماجاوبنا!) مع أن الحلول متاحة، والاقتراحات مطروحة أرضا وفضاء، ولكن القرار ينتظر من يصدره ليكتسب شرعية نظامية وقانونية على أقل تقدير. إن أرصفتنا تحتضن مائة بشرى وبشرى، وإذا بقينا هكذا دون حراك جماعي أو مؤسساتي لحفظ كرامة هؤلاء القوارير، سنجد أن آلاف الفتيات المؤهلات مهملات على الأرصفة أو محترقات في زوايا منازلهن المعلبة!. لقد كان مألوفا أن ترى النساء الكبيرات في السن يمارسن بيع الحناء والبخور وشراشف الصلاة أمام الجوامع أو في مداخل الأسواق، ولكن ما أضحى غريبا، ولافتا أن أكثر البائعات الآن فتيات في مقتبل العمر، ويحملن شهادات جامعية ويحلمن برائحة الوظيفة .. ويكفي!