لقد سررت كثيرا بالمشاريع والإختراعات ألتي تم عرضها في معرض (إبتكار 2010) والذي نظمته مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهوبين بقاعة الهلتيون بجدة عندما قمت بزيارة في أخر ايام المعرض وهو يوم الخميس وكان قد تخلله حفل التكريم للمخترعين ، وقد كان عدد الزوار لا يوصف ، الحركة بطيئة من شدة الزحام ، خلاف ما كان عليه ( إبتكار 2008 ) والذي أقيم في فندق (فور سيزون) بالعاصمة الرياض وقد قمت بزيارة سريعة له خلال زيارتي لمدينة الرياض ولكنني لم أرى هذا الكم الهائل من الزوار الذي رأيته في جدة .. وهو مؤشر على أن ثقافة الإختراع أنتشرت بين افراد المجتمع و مستمرة ن وهذا يبعث في نفوسنا الإطمئنان .. ويقوي الأمل في أن يصبح لدينا في يوم من الأيام مخترعون يقدموا لوطنهم ما يغنيه عن اللجوء الى إختراعات العالم الأخر ... وقد فوجئت من خلال جولتي بالمعرض بوجود مخترعين من ذوي الإحتياجات الخاصة .. وهي فئة حرمت من بعض أعضائها ولا تمارس حياتها بشكل طبيعي كبقية أقرانها من الناس,,, ولكنها لم تستسلم لهذه الإعاقة التى وقفت عائقا عند البعض ، ومما زادني إعجابا مرري بإختراع تجمهر الزوار أمام منصته فشدني هذا التجمهر ولما وصلت وجدت مخترعا يقف وقفة شموخ , وقفة كلها ثقة , وقفة صابر محتسب لقضاء الله وقدره ... يتحدث عن إختراعه ويجيب على أسئلة الزوار وهو لايلتفت لكلمة شفقة أو نبرة حزن من الحضور .. إنه المخترع الشاب مهند أبو ديه الذي تصدى للإعاقة وتقبل قضاء الله وقدره دون تذمر أو إمتعاض ... بادرته بالسؤال عن حاله ؟ أجابني : الحمد لله أنا بخير قلت : بني إنني تابعت أخبارك عبر الإعلام من بداية الحادث الذي أصابك ، وكيف بدأت في شد العزيمة والتغلب على هذه الإعاقة بإنشغالك بالإختراع!! قال : أحمد الله دائما .. قلت : ما أجمل ما أبدعت ولايحق لي أن اصفك بالمعاق لما رأيت من إ نجازاتك الرائعة ، فإن الإعاقة لتخجل أن تكون متلازمة لكم أيها الرائعون .. وكثيرا ما أحدث ابني عنك بإستمرار لأشد من عزيمته.... قال : الحمد لله نحن لسنا معاقون وإنما (نحن مبدعون ) قالها ونبرات صوته تعلو أجواء المعرض والكل يردد ما شاء الله... زادتني هذه الكلمات فخرا بأني أماً لأحد أفراد هذه الفئة الغالية على قلوبنا .... ودعته وهو يبتسم ابتسامة النجاح وطلبت منه أن يوقع على صفحة (أوتوقراف) فكتب دون تردد رسالة معبرة تحمل في معانيها التحدي والإرادة... وقد كنت أحدث ابني دائما عن عظمة الكثير من المبدعين والعظماء من أصحاب إ لإعاقة .... الذين سجلوا أسمائهم في الأذهان منذ القدم وتحدثت عنهم الأجيال عبر العصور وسجل التاريخ إنجازاتهم في صفحات من نور....... لابد أن نجد لفظا بديلا حتى يتساوون مع غيرهم من الأسوياء ... والحذر من أن نرمقهم بنظرة الشفقة فإنها تذبحهم وتحطم كيانهم وتهز عزيمتهم ، أحب أن أوجه ( نداء) للجميع لابد أن نغير نظرتنا نحوهم وأن نعاملهم معاملة الأسوياء.... هم يشعرون كما نشعر ويحسون كما نحس وأن حساسيتهم تزيد أضعاف الأسوياء ، ويتألمون من نظرات الحزن التي تتابعهم في كل تحركاتهم ... دعوهم يعيشون بيننا كغيرهم حتى يشعروا بالأمان النفسي ولانحرمهم حقوهم ... فعلينا التعامل معهم ، والحديث اليهم ، وتشجيعهم على مواجهة المجتمع ، لا نخفيهم وراء الكواليس خشية العيب والخجل الذي يعتقده بعض الجهلاء ... هم بحا جة لأن نعطيهم الفرصة فقط ونفسح لهم المجال لخوض غمار الحياة مع أقرانهم في جميع المجالات كل حسب قدرته... وهذه الثقافة لابد أن تبدأ من كيان الأسرة في المنزل , ثم صروح المدارس , ومنابر المساجد, والمؤسسات الخيرية ، وجهات الإعلام بأنواعها ، والندوات العامة .... لابد أن نعجل بها قبل أن نفقدهم ويفقدونا ...حفظهم الله من كل سوء وألبسهم حلل العافية . عضوة متطوعة بجمعية أم القرى الخيرية ألنسائية إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل المبدع مهند أبو دية أثناء المعرض