رسالة عاصفة من ظلال وارفة، امرأة مسلمة عصف الألم بقلبها فبعثتْ برسالتها وهي ترى الاعتداء الظالم الغاشم على أسطول الحرية، ذلك الأسطول الخيري التضامني المسالم الذي كان متجهاً إلى مدينة غزَّة المحاصرة ظلماً وعدواناً منذ أربع سنوات، رسالة تقول: أستاذي الفاضل، السلام عليكم. أرسل لك الآن وأنا أتألَّم أشدَّ الألم لحال فلسطين وغزّة الجريحة، وجميع البلدان المسلمة المظلومة، وأنا أرى ما يحصل فيها اليوم وكلَّ يوم من اعتداءات آثمة تجعل القلب يعاني ويشكو، أنظر ماذا فعلت إسرائيل في هجومها على أسطول الحرية هجوماً مزَّق قلوبنا، وأثار الغضب الجامح في نفوسنا، مع أننا نساء نشأنا في الحلية ونحن في الخصام لا نكاد نبين، إلا أنني أريد أنْ أخاطب جميع العرب غنيِّهم وفقيرهم، حاكمهم ومحكومهم، وكلّ صاحب عقل فيهم بهذه الكلمات التي خرجت من القلب، وقد حمَّلتُك أمانة إيصالها لأنك صاحب قلم متدفق، في صحيفة مقروءة وزاوية تحظى باهتمام طائفة كبيرة من القراء، أرسلتها إليك وسأظل أرسلها إبراءً لذمتي وحتى يسمع جميع العرب صرختي، ويفهموا قصدي، أقول: يا أبناء الصحراء، ويا نِبالَ السماء، إن عدوَّكم الصهيوني الذي أُرضع منذ صغره لبان الحقد، وازدحمت ساحات مشاعره مكراً وخداعاً، واشتملت ثيابه على الكراهية والبغضاء واللؤم، إنَّ هذا العدوَّ قد لبس لكم جلد الذئب الغادر، وقلب لكم ظهر المِجَنّ، وكشف عن سوءةٍ لا يشترها عنكم إلا الصمود، فلا بد له من رابطي الجأش، مفتولي سواعد الجدّ، في أثوابهم الطاهرة آسادٌ هواصر، فوجِّهوا سهام الحق إلى مجامع حقد هذا العدوِّ، ومواطن غلِّه. يا أبناء العرب الكرام أليس من العار أن تُسمعوا عدوّكم سجع الحمام، وهو يسمعكم عواء الذئاب، فلْتكن العزَّة معكم حيث تسيرون، والقوة بالله ثم بصمودكم حيث تحلّون وترتحلون، ولتطبقوا على زمام أموركم بمقابض كالحديد، ولا بد لهذا من عزم قوي، وإرادة حديدية. لا تنسوا أن أسلافكم قد بنوا بيوتهم على الشُّهُب، ومشوا بالعزَّة والإيمان فوق رؤوس الحقب، وزاحمتْ هاماتهم نجوم السماء رفعةً وكرامةً وشيمة، وعطَّروا بسيرتهم كل ناحية وبقعة. أذكرك يا أستاذي بأن رسالتي هذه أمانة يجب عليك إيصالها إلى الناس، أسأل الله ألا يحرمك ولا يحرم قراءها من الأجر العظيم. هذه رسالةٌ واحدةٌ من عشرات الرسائل التي تحمل مشاعر المسلمين رجالاً ونساءً تجاه ظلم العدوّ الصهيوني، وصلفه، وعدوانه، رسالة حملت في عباراتها معاني رسائل أخرى، ومشاعر كتاب آخرين وكاتبات أخريات، يسعدني أن أرى وَقْع حروفها الصادقة على قلب كل ذي عقل ولُبٍّ وضمير، ولتكن الاستجابة المباشرة لنداء هذا القلم الباكي بالدعاء الصادق نبتهل به جميعاً إلى الله بإلحاح وإخلاص أن ينصرنا على هذا العدوِّ الذي لا يرعى حقاً، ولا يصون عرضاً، ولا يؤمن بحرمة دماء الأبرياء، وأنْ ينصرنا جميعاً على أهوائنا وشهواتنا، ووهَنِ قلوبنا، فإنَّ الدُّعاء سلاح عظيم، خاض به المسلمون معاركهم مع الباطل وأهله، فكانوا هم الفائزين. وأقول لوارفة الظلال ولغيرها: لا يأس ولا قنوط، فالله سبحانه وتعالى يمهل ولا يهمل، والحقُّ يكسب الجولة وإنْ طال صراعه مع الباطل، وإنَّ الله سريع الحساب. إشارة: قفْ أيَّها التاريخ، إنَّا هاهنا=تمتدُّ بالأمل الكبير يَدانا