أشعر أن هناك حلقة مفقودة في موضوع البطالة السعودية بين الشباب فلدينا نحو ثلاثمئة ألف شاب عاطل من حملة الثانوية العامة والدرجة الجامعية يقابلهم كما تقول الإحصاءات أكثر من أربعة ملايين عامل مستقدم في مختلف المهن والوظائف، فما سبب بطالة شبابنا فيما وتيرة الاستقدام مستمرة إن لم تكن تتصاعد؟ هناك أقوال متعددة حول هذا السبب لكن الأرجح أن تدني التأهيل هو السبب الرئيس ومستوى التعليم المتدني هو السبب في ذلك، ولذلك أقترح على مجلس الشورى وهو يناقش موضوع صرف إعانات شهرية لهؤلاء العاطلين أن يناقش سبب بطالتهم ويضع حلولا لمعالجته لأن الإعانة الشهرية فيما لو أقرت بأي مبلغ كان ليست حلا للمشكلة، بل قد تساهم في تفاقمها، فالإعانة فكرة ممتازة لمن كان لديه عمل وفقده لأي سبب ويبحث عن بديل مماثل لأنه مؤهل والبديل موجود، أما من هو غير مؤهل للعمل أصلا فإن الإعانة ليس فيها أي حل لمشكلته، بل قد تطيل أمد بقائه عاطلا وعالة على الإعانة التي مهما بلغت فلن تتجاوز ألفا وخمسمئة ريال أو نحوها. إنني لا أعرف ما النتائج الإيجابية التي حققها صندوق الموارد البشرية حتى الآن لكنني أعتقد أن استغلال فكرة الصندوق في صرف مكافآت مرهونة بإعادة تأهيل هؤلاء العاطلين أجدى من صرف إعانات لهم وتركهم يواجهون مصائر ضعف تأهيلهم أي تركهم عاطلين إلى الأبد، لكن كيف؟ صندوق الموارد البشرية يقدم الآن نصف راتب أي شاب يستقطبه القطاع الخاص لمدة سنتين فيما أذكر مقابل تدريبه على رأس العمل، وكما قلت لا أعرف النتائج التي تحققت، ولكن مهما كانت فإن قيام الصندوق بنفسه بإعادة تأهيل هؤلاء على نفقته مع صرف مكافآت لهم أثناء فترة التأهيل هذه مع ضرورة وجود نظام يفرض المؤهلين من هؤلاء على سوق العمل ليكونوا بديلا لمن تم استقدامهم، ومعنى النظام الذي يفرض هو الذي يضمن حقوق الطرفين بعيدا عن العاطفة والشعارات، لأن القطاع الخاص في مجمله لن يرفض السعودي بسبب جنسيته، كما أنه من غير المعقول أن يتم فرض السعوديين عليه بسبب الجنسية فقط، لابد من وضع معايير الكفاءة والمصلحة في المقدمة من أجل تحقيق النجاح المأمول. وبعد، فهذه انطباعات متابع وأعتقد أن المتخصصين في مجلس الشورى وفي وزارة العمل وصندوق تنمية الموارد البشرية قادرون على صياغة حل عملي لمشكلة البطالة ذاتها قبل إقرار أو رفض موضوع الإعانة، فالبطالة هي لب المشكلة والمطالبة بالإعانة نتيجة لها، فلا نحولها إلى سبب جديد لها، مع الأخذ بعين الاعتبار أن ينبوع البطالة هذا سيظل متدفقا إلى أن يصلح حال التعليم العام وتتحسن مخرجاته، أي أن المشكلة لا تقتصر على الموجودين، وإنما هناك الآلاف سنويا قادمون. معالجة الأصل أولى وأهم من مناقشة الهوامش.