في عام 1425ه وتحديداً في نصفه الثاني كتبت مقالاً رئيساً في هذه الجريدة وكان عنوانه “جدة عام 1430ه مغلقة للتحسينات” وكان محور حديثي في هذا المقال عن البنية التحتية لهذه المدينة وما يكتنفها من قصور واضح يؤكده باستمرار حجم الاعطال المتلاحقة في مختلف مسارات التجديد والتطوير لكافة الخدمات المتعلقة بها من مياه وصرف صحي وكهرباء واتصالات ونقل وقد تعرضت في ذلك المقال لابرز جوانب ذلك الخلل ثم سعدت في نفس يوم نزول المقال باتصال مباشر من أمينها في تلك الفترة سعادة المهندس عبدالله المعلمي الذي اشاد كثيراً بالمقال وطرح في عجالة أبرز المشاريع المزمع انشاؤها في المستقبل القريب والتي تخص اصلاح تلك البنية المتعثرة كما قال وأقر بذلك. وتشاء الاقدار ان يكون عام 1430ه مسرحاً للكثير من الاحداث التي كشفت لنا بكل وضوح ان هذه المدينة قد بلغ بها الحال من الفساد الاداري والمالي مبلغاً عميقاً جعل منها مدينة شبه متهالكة تحتاج فعلاً الى الاغلاق لاعادة البناء ولعل هذه النتيجة المؤسفة التي بلغتها المدينة تعد ناتجاً طبيعياً ومنطقياً لتعاقب حالات الاهمال وتنامي حالات الفساد الاداري والمالي التي شهدتها المدينة منذ اكثر من ربع قرن. وانني ادعو الله تعالى أن يعين أميرها المتفاني في خدمتها خالد الفيصل على حمل ذلك الارث الثقيل وان يسدد خطاه ويدعمه بالعاملين المخلصين لاعادة المكانة الحضارية المنزوعة عن هذه المدينة وان يحفظ لنا جميعاً ملك الاصلاح والانسانية عبدالله بن عبدالعزيز فهو السند بعد الله تعالى لمحاربه الفساد ودعم التنمية في هذه البلاد الكريمة ولا شك بأن المشاريع العملاقة المتلاحقة التي أمر بها حفظه الله ورعاه.. لاعادة المكانة التاريخية والحضارية لهذه المدينة لهو خير دليل على ما يوليه حفظه الله لهذه المدينة من حب ورعاية ثم يأتي من بعد ذلك أمير الادارة خالد الفيصل في متابعته الدائمة والمتلاحقة.. ولعلي هنا اود الاشارة الى بعض الامور التي ارى كغيري من سكان هذه المدينة انها لا تزال بطيئة الحراك أو متوقفة تماماً أو تحتاج إلى اعادة نظر فعلى سبيل المثال لا الحصر بعض مشاريع الكباري والانفاق لا تزال تسير سير السلحفاة نظراً لقلة الآليات والعمالة والحراك المحيط بها والذي يتضح بدرجة كبيرة للمتابع ولنعطي امثلة لذلك مشروع نفق وكوبري تقاطع السبعين مع التحلية هذا المشروع الذي مضى على بدايته اكثر من ثلاثة اشهر ولا يزال يحبو بل يترنح في مسيرته ونحن نعلم حجم الكثافة الكبيرة لسالكي الطريقين وما يترتب على ذلك من نواتج تهم كافة القطاعات فهل يعقل ان يقوم على خدمة هذا المشروع ثلاثة من الونشات وبعض الآليات الصغيرة وعدد لا يتجاوز العشرة افراد من العمالة وهذا ما اشاهده كل يوم اكثر من مرة ثم طريق آخر هو الكوبري الذي يمر بشارع الستين ويتقاطع مع شارع غرناطة نراه تباطأ كثيراً في حراكه عكس ما بدأ به. وفي جانب آخر نجد ان حفريات الصرف الصحي لتمديد شبكتها قد توقفت في بعض المناطق كمنطقة الصفا مثلا، وتباطأت كثيراً في مناطق أخرى لدرجة ان بعض المناطق لا يوجد بها الا آلية واحدة وعدد قليل من العمالة شبه النائمة طوال اليوم الذي لا تتجاوز مدة العمل به ثماني ساعات فقط. وفي جانب آخر نجد ان قضية المياه بدأت تعود سيرتها الاولى بعد ان شعرنا بتحسنها في الشهور السابقة ولا نعلم سراً لذلك بالرغم من الوعود التي نسمعها من القائمين عليها تبشر بالخير وتؤكد ان هذه المشكلة اصبحت ماضياً لن يعود. وجانب آخر لا يقل اهمية عما سبق وهو مطار الملك عبدالعزيز هذا المطار المغلوب على أمره في مشاريعه وحراكه حيث نرى ان تلك الوعود المتتالية بتطويره تتعثر دائماً ونرى مستوى الخدمات به تدنى بصورة كبيرة ولافتة للانتباه. ثم يبقى بعد ذلك التباطؤ الكبير في حراك المشاريع الترفيهية وتدني مستواها التي لم نر لها وجوداً بالرغم من حجم الدعاية المعطاه لها من قبل الامانة. وختاماً نقول ان حبنا لهذا الوطن المعطاء وحبنا لهذه المدينة المحبوبة التي جعلت الجميع يطلق عليها العروس دفعنا الى نبش تلك الامور فكلنا لخدمة هذا الوطن الحبيب .