كم من شعوبِ تئن وتترنح تحت طائلة ذلك المرض ( المحسوبية ). كنا نسمع في العصر الجاهلي عنها ونحدّق بأعيننا وترهف لها أسماعنا كُرها وغيض لمَ يجري ، قصص توارثتها الأجيال لا تكاد تصدّق ،وكأنها ضرب من الخيال . ما حدث في جنوب أفريقيا وما يحدث في فلسطين وفي العراق الآن إنه امتداد لذلك العصر البغيض ، رغم أن تلك الدول تدّعي أنها خير مثال للإنسانية وحقوقها. ليست تلك الشعوب وحدها تعاني من هذا المرض القاهر ، هناك شعوب هي الأخرى تعاني الأمرين مما يجري بين أفراد المجتمع الواحد . ثلة من البشر تعصف بالآخرين ولا يجدون سوى الفتات المتبقي ، لا نستطيع أن ننكر ذلك وإن فعلنا فنحن كالنعام يدس رأسه في التراب متى ما شعر بالخطر . هذه الظاهرة تمكّنت ، وهي في كل مكان حتى تلك المجتمعات المتقدمة تقنيّا ، لا لوم عليهم ولا تثريب هم ، أهل لها وألفوها وتاريخهم اشتدّ سوادا وسيزيد .ما أعنيه هنا المجتمعات الإسلامية التي تعرف أن الحق أبلج ، وأن الناس سواسية ، فهل من رشدٍ يساق؟ وغربلة للبشر؟ ليقال أنت هنا وذاك هناك .؟ نعم يجب ذلك وإلاّ أخشى أن يعيد التاريخ نفسه ومن ثم لا تنفع ساعة ندم . الإسلام ديننا وهو صالح لكل مكان وزمان ، ومن قال غير ذلك فقد نافق ونفاقه واضح وضوح الشمس في كبد السماء . حكومتنا تنشد ذلك ، لكن أعود وأقول إنهم ثلة من الأولين والآخرين ، ورثها الآباء عن الأجداد وقال الأبناء إنا وجدنا من سبقنا على أمّة . نراها هنا وهناك حتى أن المكان المناسب أعد لغير المناسب . أمرٌ يندى له الجبين . الفشل طريق ممهد لهم والسكوت علامة الرضا وليحدث ما يحدث ، أنا ومن بعدي الطوفان . انهارت إمبراطوريات جراء ذلك المرض وغدت أثرٌ بعد عين نسأل الله لهذا البلد وحكومته كل خير وأمن وأن لا يحيك المكر السيئ إلاّ بأهله .