لست متخصصا في علم النفس ولا في علم التشريح الحركي، والذي مثلي لامناص أمامه من سؤال أهل الاختصاص، فإذا تحدث هؤلاء المختصون بما يبدو أنه غير مقنع وجب على من لم يقتنع أن يسألهم حتى يفهم ويقتنع، وهذا ما أريد أن أفعله مع اختصاصي في علم التشريح الحركي الدكتور مبارك الأشقر الذي نشرت له صحيفة )الحياة) يوم السبت الماضي موضوعا حين قرأته اقتنعت ببعضه وشعرت أن بعضه يتطلب شيئا من الإيضاح أو التخصيص أو اعتباره من لغو الحديث، فهو قال (إن الانتحاري عبدالله عسيري الذي حاول اغتيال مساعد وزير الداخلية يستخدم أدوية مخدرة وإنه لاحظ ذلك عليه خلال شريط صوتي قبل تنفيذ العملية) وهذا الكلام معقول ومقبول، وقال في وصف هذه الفئة الإجرامية (إن هذه الشخصيات تمتلك قوة تأثير ومحاولة إقناع الآخرين بما تشاء عبر أساليب مختلفة ومتنوعة) وهذا أيضا كلام معقول ومقبول والواقع يؤيده، لكنه عندما ربط ذلك بمواصفات الشكل توقفت عن الفهم وقررت أن أسأل متذكرا المقولة السائدة (يخلق من الشبه أربعين) وهؤلاء الأربعون فيهم الطيب والسيئ والمؤمن والكافر والبر والفاجر والبريء والمجرم إلى غير ذلك من السلوكيات المتناقضة فكيف يصبح تشابه أشكالهم مدخلا لإصدار حكم واحد عليهم جميعا، يقول الأشقرأصحاب الأنف المقصوم الذي يمتلكه سعيد الشهري- المطلوب رقم 31 في قائمة ال85 – يبحثون عن المال مهما كانت الطرق ويتشوقون إلى السلطة والقيادة وبداخلهم حقد دفين وأعمالهم اليومية تتضمن المراوغة) ثم استطرد في وضع صفات وسلوكيات قبيحة لأصحاب الشفة العليا الرقيقة والسفلى الطويلة والجبين المربع والأنف القصير من الأعلى الطويل من نهايته وهكذا ويبدو – أنا هنا أسأل – أنه نسي أن هذه الصفات الخلقية يشترك فيها عدد كبير من خلق الله الذين ربما تحسس كل منهم جبهته أو أنفه وهو يقرأ عن سلوكيات أولئك المجرمين ويتساءل هل هو مشروع مجرم أم لا؟ وهذا السؤال لابد أن يجيب عليه الأشقر أو المختصون أمثاله لأن الأمر محير. إنني أتفهم أهمية التحليل النفسي والسلوكي للمجرمين، لكنني لم أستطع استيعاب أن يكون شكل الأنف أو الجبهة أو غيرهما من أعضاء الإنسان أو حركاته دليلا على الحقد الدفين أو المراوغة ولهذا قررت أن أسأل قبل أن أبدأ التأمل في أشكال الناس وأصدر عليهم الأحكام بالإجرام امتثالا لوصفة الدكتور الأشقر.