قم للمعلم وفه التبجيلا=كاد المعلم أن يكون رسولا أرأيت أشرف أو أجل من الذي=يبني وينشيء أنفسا وعقولا \"تغنينا طويلا بهذه الأبيات لأمير الشعراء أحمد شوقي رحمه الله، لكننا لم ندرك معناها من واقع التجربة والمعاناة أكثر من وقتنا الحاضر\" هكذا وحرفيا وصفت المعلمة هدى الزهراني حالها وزميلاتها المعلمات، بإزاء التردي الذي يزيد يوما بعد يوم في أوضاع المعلمات. وكنت كتبت مرة عن حقوق المعلم وواجباته، تضامنا مع حملة رفع الظلم عن المعلمة، فتواردت على بريدي رسائل من معلمين ومعلمات، جعلتني أرى أن من واجبي مشاركتهم مرة أخرى همومهم ومعاناتهم. يمثل الموظفون في سلك التعليم الشريحة العظمى من الموظفين في كل المجتمعات، وهذا ما يجعلهم موضع الاهتمام الأول في قوانين العمل، إذ تقع عليهم أعظم العبء، في تنمية المجتمعات، ليس بسبب أكثريتهم فحسب، بل من أجل مسؤولياتهم في تنشئة الأجيال، التي ستشغل كل قطاعات العمل وتتشارك تشكيل المجتمع ومسيرته الحضارية للأمام أو للخلف، فإذا أردت الاطلاع عزيزي القاريء ستجد تحت بند \"رسالة المعلم\" في لائحة نظام الخدمة المدنية، ما يلي \" يعمل المعلم على إعداد جيل من الشباب المسلم ، بتربيته التربية الإسلامية، وتنشئته النشأة الصالحة ، وتعليمه العلوم النافعة ، ليكون قوي الإيمان ، صحيح العقيدة والمنهج ، حسن الخلق والسلوك ، قوي الجسم ، سليم البنية ، متوازن الشخصية ، مهتدياً بهدى الإسلام ، حاملاً رسالة خير للعالمين ، واسع الثقافة ، نافعاً لمجتمعه ، معتزاً بدينه ولغته العربية وتاريخ أمته وحضارتها ، وخصوصية بلاده في خدمة الحرمين الشريفين ، مقبلاً على الحياة بوعي ونشاط ومسئولية\". هذا ما يضاعف من قيمة المعلم، وثقل رسالته في مجتمعنا المسلم. لكننا بينما نجد أن المعلم يحتل في أكثر الدول تقدما أعلى سلم الرواتب والمكانة الاجتماعية؛ نجده في بلداننا العربية يقبع في أقربها للقاع، فعلى قدر ما تثقل كفة واجباته بالمهام والمشاغل، تخف كفة حقوقه وتقديره، وأكثر ما اشتكت منه تلك الشريحة المغبونة من إخوتنا المعلمين هي فوضى التعاميم والقرارات العشوائية، التي لا تحسب بالمنطق ولا ترجع لأي مواثيق وقوانين، ومنها مثلا ما كتبت عنه في المرة السابقة من ربط تقدير المعلم الوظيفي بإجازاته المرضية، وهو قرار تعاني منه المعلمات أكثر، لأنهن عرضة لإجازات الأمومة الطويلة، التي حملتهن الوزارة مسؤوليتها كذنب، بدلا من أن يكافأن على أنهن يمددن الوطن بالثروة البشرية، في الوقت الذي يعملن فيه على ضمان كفاءة تلك الثروة بالتربية والتعليم في البيت والمدرسة. وقررت هذه المرة الوقوف على الأمر بنفسي، إذ تلقيت المرة السابقة رسالة من موجهة وضعتني في موضع المسؤولية أمام ما أكتب، إذ أكدت ما يحدث من فوضى التعاميم العشوائية، التي تتعارض مع سياسة العمل في المملكة، لكنها قالت إن التعميم السابق صدر كان قرارا فرديا اتخذته موجهة إدارية باسم الوزارة، فاعتذرت لها وقتها، وعزمت على التحقق من الأمر مجددا. وحين زرت المجمع التعليمي الأقرب، وجدت أخواتي المعلمات ينضممن في صوت واحد، يجأر بالشكوى، ويطلب رفع معاناة تنمو وتتضخم دون علاج، لأولي الأمر، ليتدخلوا بحزم، إذا لم يع المسؤول ويرعى أمانته. ومجددا شاهدت ما وجدته في موقع حملة رفع الظلم عن المعلمات بنفسي، ومن هنا أهيب بأخواتنا المعلمات أن يتضامن معا تحت شعار هذه الحملة، التي ستجد دون شك متابعة خاصة من أولي الأمر، وسنظل واثقين نلتمس السبل للوصول إلى أذن تصغي وقلب يشهد فيقطع الأيدي العابثة، ويعطي أمر التعليم حقه من الاهتمام. (مع حفظ التقدير لمعالي وزير التربية والتعليم، الذي نحمد له جرأته في الاعتراف بالتقصير، وتبريره بأسباب نقدرها جميعا، على أننا ننتظر منه حفظه الله أن يؤدي وعده بقطع أسباب القصور، ووضع كل شيء في نصابه. )، فإلى معاليه أرفع هذه الكلمات، وأضع كل ثقتي في حسن تلقيه وعزيمته على أن يرتفع بالوزارة عن المستوى الذي تسير إليه، وفقا لإحصائيات الشكاوى والتظلمات الموجهة بحقها، وما يمكن من وصفه بتجمع الرأي العام الشاهد على ذلك المستوى. _______________________________ مقال الأستاذ أسماء \"من للمعلم\" مقال قديم ونُشر في وقت سابق ، ولكننا نعيد نشره هنا ضمن سعي \"شبرقة\" الحثيث لتوثيق كل أعمال أبناء وبنات منطقة الباحة ، كما أن للمقال ما يناسبة من إستمرار وضع المعلمين والمعلمات في حاجة ماسة لإعادة النظر في كثير من جوانبه.