سبعة عشر متبرعاً من فاعلي الخير شكرتهم اللجنة المشرفة على مشروع \"برنامج الأمير سلطان للطوارئ والخدمات الإسعافية\" بالرياض، هذا المشروع الإنساني الضخم الذي سيقام احتفاء بالعودة الميمونة لسمو ولي العهد سالماً معافى بإذن الله. المشروع إنساني وطني وليس احتفالياً أو احتفائياً فقط، وهؤلاء المتبرعون الأكارم من أبناء الوطن الذين تبرعوا بثلاثة وعشرين مليون ريال، كسبوا ثلاثة أمور، التعبير عن صدق محبتهم لولي العهد، والمساهمة في مشروع إنساني سيبقى لأبناء الوطن، والأجر والثواب من الله، وهؤلاء ليسوا حالة نادرة في بلادنا، بل هم من نجوم اللوحة الوطنية الوضاءة التي يزينها دائماً رجال المال والأعمال أفراداً وشركات ومؤسسات بأفعالهم الوطنية الخيّرة. كنت أقرأ أسماءهم وأجمع تبرعاتهم، وأقول في نفسي هؤلاء رموز جديرة بالاحتفاء والتمجيد والإشهار عبر مختلف وسائل الإعلام، حتى وإن كان بعضهم لا يرغب، ولا يحب الأضواء، فإن إشهاره ضروري ومهم لتجسيد معنى القدوة التي يجب أن يحذو حذوها كل مقتدر من أبناء الوطن. أقول هذا وأنا أقرأ الشكر الموجّه لهم من خلال صفحة إعلان مدفوعة الثمن، في حين المفروض أن تتصدر أسماء هؤلاء وأحجام تبرعاتهم صدر الصفحات الخبرية في الصحف المحلية، وحبذا لو أفرد لهم التلفاز الرسمي مساحة في زمن بثه، وكذلك الإذاعة. لقد اطلعت في اليوم نفسه على التغطية الصحفية لخبر فوز رجل الأعمال الدكتور ناصر الرشيد بجائزة حائل للأعمال الخيرية، وهو جدير بالجائرة، والثناء وأكثر، فهو قدم أعمالاً خيرية كبرى ليس في حائل فقط، وإنما في مواقع ومدن أخرى بالمملكة، وهو لم يدع فرصة تكريمه بالجائزة أن تمر دون أن يمهرها ويخلدها في الوجدان الوطني بعشرة ملايين ريال، دعماً منه لإنشاء كرسي يحمل اسمه لأبحاث مرضى الفشل الكلوي في كلية الطب بجامعة حائل. ومنذ أيام قرأت تدشين الأمير الوليد بن طلال لمؤسسته الخيرية التي جاءت تتويجاً لدعمه السنوي بالملايين للجمعيات الخيرية كلها، ولمشاريع الإسكان في جميع المناطق، وإيصال الكهرباء لمئات القرى. ومرة أخرى، فإن الوليد والرشيد، والسبعة عشر الذين ذكرتهم أولاً، ليسوا سوى نماذج للمئات من فاعلي الخير المشكورين في وطنهم، فهم ينفقون الملايين ابتغاء الأجر وخدمة الوطن الذي خدمهم وهيأ لهم المناخ المناسب للاستثمار والثراء، وهم ينفقون مدركين أن أمثالهم من رجال المال والأعمال في الغرب الذين ينفقون الملايين في الأعمال الإنسانية لا يعيشون في ظل دول فقيرة، لكنهم يعلمون أن غنى المجتمع كله، يدعم غناهم، ويضاعف الغبطة لهم بما يملكون، والشكر والتقدير لما ينفقون. إنني أتطلع أن تمنح وسائل الإعلام كلها جزءاً كبيراً من اهتمامها لتسليط الضوء على هؤلاء، وتبذل جهداً لإقناع من لا يرغب منهم في الأضواء بأن الأمر لا يخصه وحده، وإنما يهم مسيرة العطاء في الوطن، وإبراز تكامل جهود الدولة مع جهود الخيرين من أبناء الوطن، الذين يعرفون عطاء الدولة فيتوجونه بالمزيد من العطاء، تجسيد القدوة أكثر أهمية ووقعاً من الزهد في الأضواء على الرغم من محاسنه.