ما الذي جرى لفتوى حرمة التصوير الفوتوغرافي؟ هل تغيّرت الفتوى بتغير الزمان أم بتغير الرجال؟ لماذا حظرت مجلة (الحسبة) التابعة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نشر صور الأشخاص فيها طوال 15عامًا، ثم هي اليوم ترفع ذلك الحظر بعد تولّي رئيسها الجديد مهام منصبه!! هل أصبح الحرام حلالاً؟ أم أن الفتوى الأولى كانت متسقةً مع الزمان والمكان، والأفكار -آنذاك- ثم لم تعد كذلك اليوم؟ أولاً لا بد من شكر معالي الشيخ عبد العزيز الحميّن على قراره التصحيحي السليم، مع أنه كان بإمكانه الاستسلام للواقع القديم تفاديًا لتأزيم محتمل واتهامات باطلة قد تصدر من ذلك التيار الذي يكبل الناس والمجتمع بجملة من المحرمات والمحظورات التي يراها من الحق الذي جاءت به شرائع السماء، والرسل، والأنبياء، مع أن باب الاختلاف فيه واسع وتعدد الرؤى حوله واقع قائم. وأذكر أني حضرت مرة محاضرة قيمة لمفكر كبير، وما إن فُتح باب السؤال حتى وقف شاب معمم يثني على المحاضر، ثم بدأ ينكر عليه عدم تصديه للتشويه الذي أصابها بسبب الصور التي التقطها البعض للشيخ الجالس على المنصة مشددًا على حرمة الفعل الشائن والجريمة النكراء. وما ينطبق على (منكر) التصوير الفوتوغرافي، يسري على (بدعة) حصر وقت العزاء بين المغرب والعشاء، وعلى (مفسدة) النقاب للمرأة، وعلى (كارثة) إطالة الشعر للشباب، وعلى (منكر) تزيين المساجد من الداخل بالآيات والزخارف الجمالية، والقائمة تطول. ولن ننسى طبعًا ما قيل عن (الديوث) الذي يسمح بإدخال القنوات الفضائية إلى داره، و(الفاجر) الذي يسمح لزوجته بكشف وجهها و(المبتدع) الذي يدعو إلى التكبير جماعية ليلة العيد، وأيام التشريق و(الفاسق) الذي يسافر سياحة إلى بلاد الكفار.. والقائمة تطول. انتقال التصوير الفوتوغرافي من ضيق التحريم إلى سعة الحلال هي في نظري قفزة كبيرة في مجتمعنا الذي يسعى جاهدًا إلى انفتاح مستنير يواجه كل ضغوط الانغلاق المتشدد الذي لا يتعلم أبدًا من دروس الأمس، ولا من حقائق اليوم. وعقبال الخطوة المقبلة.