عندما بدأ رسولنا الكريم حديثه \"استوصوا بالنساء خيراً، فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإذا ذهبت تقوِّمه كسرته، وإذا تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيراً \"وعندما ختمه أيضاً بوصيته بالتعامل الطيب مع النساء، لدليل على نهجه النبوي الشريف وحثه على التعامل الإنساني مع النساء! وفي بحث الدكتورة نوال العيد\" حقوق المرأة في ضوء السنة النبوية \"الحائز على جائزة الأمير نايف بن عبدالعزيز العالمية للسنة النبوية والدراسات العالمية لعام 1427ه / شرحت معنى هذا الاعوجاج شرحاً مفصلاً يشير في نهايته إلى أن المرأة بعضاً من الرجل \" فكيف يعيب بعضه، وكيف يقوم بإهانته وتعذيبه\"؟ وختمت تفسيرها بقول ياسين رشدي \"إن الرجل هو الأصل، والمرأة فرع، وأنه الكل وهي الجزء، ولا حياة للكل إلا بجميع أجزائه، ولا حياة للجزء إلا بانتمائه لأصله\". كما أن جميع الألفاظ في اللغة العربية التي تحمل معنى العوج تحمل معنى العاطفة في الوقت نفسه، ومن أجمل الصور التي فسرت هذا العوج صورة الأم التي لا تستطيع أن ترضع طفلها أو تضمه لصدرها أو تلبسه ملابسه إلا وهي منحنية عليه لكن للأسف الشديد كثير من المتفاعلين مع الفهم السطحي لهذا الحديث بالذات يتنافسون على ضرب نساءهم بأنواع من الوسائل المساعدة للتنفيس عن عقدهم التي يحررونها من خلال تشبعهم التربوي لحديث لم يتعمقوا في تحليله العاطفي والذي سطرته كثير من الدراسات والبحوث الفقهية لأنهم بلاشك بعيدون كل البعد عن البحث عن حقيقة هذا الحديث وتفسيره الإنساني الذي يقف في صف النساء أكثر مما يكون ضدهن! والمصيبة أن تشبع بعض البيئات الأسرية بمفاهيم خاطئة لبعض الأحاديث الشريفة المرتبطة بالقوامة والولاية ضد المرأة بدرجاتها المختلفة كزوجة وابنة وأخت وأم أنتج لنا نماذج سلوكية عدوانية وتعيش الازدواجية في تعاملها مع النساء خارج أسوار حياتهم الخاصة، ولكن داخلها تمارس عليها تلك الطقوس التي توارثتها عبر الأجيال بالرغم من المستويات العلمية التي لم تشفع لها عند لحظات الانتقام أو رد اعتبار رجولتها عندما تقف المرأة معارضة لها ! وما تقدمه لنا حالات العنف الأسري المرتبطة \"بالمرأة\" من اعتداءات جسدية يسبقها ويشملها اعتداءات نفسية لا حصر لها لدليل على أن وصية رسولنا الكريم لرجال هذه الأمة الإسلامية لم يطبقها الكثير منهم كما نادى بها وأكدها في كثير من أحاديثه الشريفة، لأن فهمهم مبتور ومشوه للأحاديث والآيات التي تنص على الرحمة في التعامل البشري عامة وبين الرجل وأهله خاصة، وما يلقى على عاتقه كرب لتلك الأسرة من نفقة وولاية عادلة لا نلمسها في كثير من تلك البيوت! وتفسر تلك التوجيهات الربانية والنبوية وتوجهها بما يشبع عقدهم النفسية ويخدم نزعاتهم العدوانية التي أوجدتها تربية ذكورية متوارثة باستسلام نسائي جاهل لحقوقها.