القدس هذه المدينة الغالية علينا جميعاً، هذه المدينة العريقة التي حطّ فيها التاريخ رحاله منذ آلاف السنين مبتهجاً بها، محبّاً لها، مقدِّراً ومبجلاً لعراقتها وعلاقتها بعدد كبير من الأنبياء والمرسلين، مقدساً لها لارتباطها بالمسجد الأقصى المبارك، وبالإسراء والمعراج، وبالقيم والمبادئ المنبثقة من الدين الإسلامي الحنيف، الدين الذي دعا إليه جميع الأنبياء والمرسلين -عليهم الصلاة والسلام- الدّين الذي أكمله الله سبحانه وتعالى وأتمّه بما أوحى إلى عبده ورسوله وخاتم أنبيائه ورسله محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام، فأصبحنا نحن أتباع هذا النبي الأمي -صلى الله عليه وسلم- وارثين لدين الله، ولما جاء به جميع الأنبياء والمرسلين إرثاً ثابتاً لا ينازعنا فيه إلا ظالم أو جاهل، وكيف ينازعنا فيه منازع، والله سبحانه وتعالى يقول {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ}ويقول عزّ وجل {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ} فالدين الإسلامي هو الدين الحق الذي جاء به الأنبياء والمرسلين، وهو الدين الذي اعتنقه المسلمون المؤمنون بربهم منذ آدم عليه السلام إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. إذن (مدينة القدس) هي مدينة المسلمين المؤمنين بربهم، ومسؤولية المحافظة عليها تقع على عواتقهم جميعاً، وأمانة حمايتها لا تجيز لأحدٍ من البشر أن يتنازل عن شبر منها لغير المسلمين، مهما كانت المسوّغات والحجج البشرية الواهية. القدس عاصمة الثقافة العربية، ولولا أن هذا مصطلح شاع منذ بداية فكرته في منظمة اليونسكو لقلنا (عاصمة الثقافة الإسلامية) كما هو شأن (مكةالمكرمة) و(المدينةالمنورة). إن الاحتفال بالقدس (السليبة) عاصمة للثقافة العربية يعني شيئاً عظيماً بالنسبة إلى قضية فلسطين، لأنه احتفال بمدينة عربية إسلامية عظيمة تعاني من سيطرة اليهود الغاصبين، ومن خططهم السرية والمعلنة الرامية إلى تهويدها، وهدم مسجدها الأقصى المبارك، وطمسِ هويتها العربية الإسلامية، فهو احتفال متميز، ليس كغيره من مظاهر الاحتفال، وهذا ما يجعل مسؤولية العرب والمسلمين كبيرة جداً في العناية بهذا الاحتفال عناية خاصة سياسياً، وثقافياً، وإعلامياً حتى تصل الرسالة إلى كل إنسانٍ في العالم، وإلى كل مثقف لا يعرف من أمر هذه المدينة العريقة شيئاً. ننتظر أن نرى اسم (مدينة القدس العربية الإسلامية) على كل شاشة فضائية عربية مصحوباً ببرامج ولقاءات، وتقارير إعلامية توضح للناس علاقة المسلمين بالقدس، وحقيقة العدوان اليهودي على هذه المدينة الإسلامية قلباً وقالباً، وتبين للناس تاريخها الموغل في القدم، وكيف آلت أمورها إلى المسلمين حينما تسلم مفاتيحها عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وننتظر أن نرى مئات الندوات والأمسيات والمحاضرات وبرامج المسابقات عن هذا الاحتفال المهم في هذه الفترة التي اشتد فيها اعتداء دولة الاغتصاب اليهودية على القدس وأهلها وساحات مسجدها المبارك. وأنصح بمتابعة قناتي (الأقصى) و(القدس) لمن أراد أن يكون على صلة مستمرة بهذه المدينة العربية الإسلامية التي تعاني من سطوة اليهود الغاصبين، وهدمهم لمنازلها، وحفرياتهم تحت مسجدها بصورة تنذر بخطر كبير على قبلة المسلمين الأولى ومسرى أفضل الخلق عليه الصلاة والسلام. إشارة: أيها الأقصى سنلقاك غداً=تحت غصن المكرمات النَّضِرِ