الحجاب عبادة د.أحمد بن صالح الزهراني * الكتابات عن الحجاب كثيرة ، بعضها يؤيد وبعضها يعارض ، والبعض يقيد ويضع ضوابط ، بطبيعة الحال إذا كنت أخاطب مجتمعا مسلما فالكلام عن الحجاب يجب أن يتجاوز مرحلة الموافقة أو المعارضة ، فحجاب المرأة أمر مسطور في كتاب الله تعالى ، لا يجوز لمسلم يحترم دينه أن يضع الحجاب على طاولة البحث ، أعني أصله وأساس تشريعه ، فالأمر به واضح سواء في الحديث عنه أو في إيجابه في الجملة ، نعم يبقى أنّ هناك خلافا في بعض الجزئيات وهذا أمر لا يختص به الحجاب بل كثير من التشريعات الإسلامية كذلك ، فالصلاة مع أنّها أهم وأعظم الواجبات في الإسلام إلاّ أنّ في كثير من جزئياتها خلافا بين أئمّة الإسلام وعلماء الشريعة ولهذا الخلاف أسباب معروفة ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في رسالته الشهيرة (رفع الملام عن الأئمة الأعلام) . إذن فالخلاف في بعض مسائل الحجاب ليس مسوغا أبداً لعبارات تصدر من بعض الكتاب والكاتبات تدل على تبرّمهم من الحجاب وخاصة غطاء الوجه ولبس الجلباب(العباءة) ، بل تطور الأمر ببعض الجهلة إلى إنكار لبس العباءة وزعمهم أنّها إنّما شُرعت في الصلاة فقط . وممّا أحب لفت النظر إليه أنّ كثرة الكلام في الحجاب طمست جانباً مهماً فيه تغفل عنه أكثر النساء ، وكثير منهن ربما يتخففن من الحجاب بسببه ، إذ كثرة الكلام عن أنّ الحكمة من الحجاب درء الفتنة ومن ثم الدخول في نقاش عن تحقق هذه الحكمة في اللباس الفلاني أو الطريقة الفلانية أنسى الكثيرين أنّ الحجاب مثله مثل كل التشريعات يرتكز في أول الأمر ونهايته على الجانب التعبّدي ، فالحجاب أيّها الإخوة والأخوات عبادة ، ومعنى ذلك أنّ المرأة مأجورة الأجر العظيم على لباسها ، ومعنى هذا أيضاً أنّ المرأة الصالحة التي تحرص على تحقيق العبودية لله تعالى لا تغترّ بأقاويل الناس ، بل همّها الأوّل والأخير كيفيّة تحقيق عبودية الله تعالى في حجابها ، فكما تحرص على أداء الصلاة على أكمل وجه حتى يقبلها الله منها ، فهي تحرص على أن ترتدي الحجاب على الصفة الّتي تشعر أنّها حققت بها عبودية الله تعالى على الوجه الأكمل والأقرب لنيل رضا الله تعالى ، فمن المحزن والمؤسف أن نرى في شوارعنا وأسواقنا من تكلفت لبس العباءة والخمار لكنّها تلبسها وفق طريقتها وهواها هي ، ولهذا ترى العجب العجاب من أنواع العباءات والخُمُر التي لا تمتّ للحجاب الشرعي بصلة ، كلامي هذا لأختنا الّتي وفّقها الله وهداها للالتزام بالحجاب ، الحجاب عبادة ، وحق العبادة أن تُؤدّى على الصفة التي أمر الله بها ، ومن تكلف العبادة وفق ذوقه وهواه الخاص فما حصد إلاّ التعب وقد قال صلّى الله عليه وسلّم:«من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد»، والله المستعان . _________________ * كاتب بصحيفة \"المدينة\" السعودية0