في مثل هذه الأيام من كل عام تتزاحم الأقلام والعواطف والشجون للتعبير عن شعورها وابتهاجها باليوم الوطني. وفي هذا العام يطل علينا عيدنا الوطني خلال شهر رمضان المبارك الذي يعد عيدًا من أوله إلى آخره. شهر الرحمة والغفران والعتق من النار. وهنا تزداد بهجتنا في هذا الوطن الغالي والروحانية الجميلة التي تغمر وتعم أرجاء الوطن والعالم الإسلامي في مشارق الأرض ومغاربها، حيث ينظر ما يقارب المليار والنصف من سكان المعمورة إلى ارض الحرمين الشريفين.. قبلتهم التي حددها الله سبحانه وتعالى، وأمرهم في محكم التنزيل إلى التوجّه إلى الكعبة المشرفة، في بيت الله الحرام، في مكةالمكرمة، خلال صلواتهم الخمس وسننهم المكتوبة، راجين المغفرة والرحمة والغفران، من أكرم الأكرمين رب العزة والجلال سبحانه وتعالى. وفي الوقت الذي تشكل الاحتفالات بالأعياد الوطنية عند الشعوب الأخرى رمزًا وطنيًّا هامًّا، يعبر عن السيادة، والاستقلال، والوجود، والعيش الكريم، في بقعة معينة من الأرض، لها ما لها وعليها ما عليها، حسب النواميس والأعراف الدولية. إلا أن وضعنا في المملكة العربية السعودية يتعدى كل ذلك، بما أنعم الله علينا وجعلنا مواطنين في أرض اختارها الله لأن تكون مهبط الوحي الذي أنزل على رسوله الكريم محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة والسلام، وانبثقت منه الدعوة للإسلام، وأصبحت مكة، قبلة المسلمين أين ما كانوا. وبمناسبة العيد الوطني يحق لأبناء هذا الوطن الافتخار بكيانهم الذي يعيشون فيه وأن لا ينسوا وهم في غمرة الفرحة باليوم الوطني أن المواطنة مسؤولية دائمة. وأن روحانية شهر رمضان المبارك وتعاليم ديننا الحنيف تلزمنا بأن نكون قدوة حسنة للمسلمين، بسلوكنا وممارساتنا على مدار العام. كما أن من أهداف الاحتفال بالمناسبات تذكير أنفسنا بأهمية الوفاء لموحد هذا الكيان، الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- والتمعن في الثوابت التي شكلت الإطار الذي نعيش فيه، في مجتمع معاصر، عليه واجبات وله حقوق، يعمل من أجلها سواء كانت دينية أو دنيوية. ولا يفوتنا أن ننظر إلى من حولنا، ونقارن، ونتأمل، في نعم الله التي من بها علينا، مستلهمين سيرة نشر الإسلام التي انطلقت من قلب الجزيرة العربية.. من مكةالمكرمة.. إلى أرجاء المعمورة. وأن نكون أعضاء فاعلين في وطن يعتز بخدمة الإسلام والمسلمين.. تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين.. التي تبذل كلّما في وسعها لخدمة الحجاج والمعتمرين على مدار العام، لكي تبقى كل أيام العام أعيادًا وطنية، نحتفي فيها بكل ما تحقق من إنجازات، ونرحب بالوافدين إلى ارض الحرمين الشريفين، لأداء منسك الحج والعمرة بأمن وسلام. وفقنا الله جميعًا لما يحبه ويرضاه، وكل عام والوطن بخير. كاتب بصحيفة "المدينة" السعودية.